الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }

{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } ، أي الملتفف بثوبه، وأصله: المتزمل أدغمت التاء في الزاي، ومثله المدثر أي: المتدثر ادغمت التاء في الدال، يقال: تزمل وتدثر بثوبه إذا تغطى به. وقال السدي: أراد يا أيها النائم قم فصلِّ. قال العلماء: كان هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في أول الوحي قبل تبليغ الرسالة ثم خوطب بعد بالنبي والرسول. { قُمِ ٱلَّيْلَ } ، أي للصلاة، { إِلاَّ قَلِيلا } ، وكان قيام الليل فريضة في الابتداء وبيَّن قَدْرَه فقال: { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلا } ، إلى الثلث. { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } ، على النصف إلى الثلثين، خيّره بين هذه المنازل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقومون على هذه المقادير، وكان الرجل لا يدري متى ثلث الليل ومتى نصف الليل ومتى الثلثان، فكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظ القدرَ الواجب، واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم فرحمهم الله وخفف عنهم ونسخها بقوله: { فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ } الآية. فكان بين أول السورة وآخرها سنة. أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا يحيى بن بشير حدثنا سعيد - يعني ابن أبي عروبة - حدثنا قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعيد بن هشام قال: انطلقت إلى عائشة رضي الله عنها فقلت: يا أم المؤمنين انبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خُلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن، قلت: فقيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم المؤمنين؟ قالت: ألستَ تقرأ { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } قلت: بلى قالت: فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً بعد الفريضة. قال مقاتل وابن كيسان: كان هذا بمكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس. { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً } ، قال ابن عباس: بَيِّنْهُ بياناً. وقال الحسن: اقرأهُ قراءة بينّة. وقال مجاهد: تَرَسَّل فيه ترسلاً. وقال قتادة: تثبت فيه تثبتاً. وعن ابن عباس أيضاً: اقرأه على هينتك ثلاث آيات أو أربعاً أو خمساً. أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام عن قتادة قال: سئل أنس كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت مدّاً مدّاً ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد بالرحيم.

السابقالتالي
2