الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } * { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } * { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } * { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } * { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي ٱلأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَأَقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَـٰهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً }. { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَـٰهُ أَخْذاً وَبِيلاً } ، شديداً ثقيلاً، يعني عاقبناه عقوبة غليظة يخوف كفار مكة. { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ } ، أي: كيف لكم بالتقوى يوم القيامة إذ كفرتم في الدنيا يعني لا سبيل لكم إلى التقوى إذا وافيتم يوم القيامة؟ وقيل: معناه كيف تتقون العذاب يوم القيامة وبأي شيء تتحصنون منه إذا كفرتم؟ { يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَٰنَ شِيباً } ، شمطاً من هوله وشدته، وذلك حين يقال لآدم قم فابعث بعث النار من ذريتك. ثم وصف هول ذلك اليوم فقال: { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } ، متشقق لنزول الملائكة به أي: بذلك المكان. وقيل: الهاء ترجع إلى الرب أي: بأمره وهيبته، { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } ، كائناً. { إِنَّ هَـٰذِهِ } ، أي: آيات القرآن { تذكرةٌ } ، تذكير وموعظة { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلا } ، بالإيمان والطاعة. { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ } ، أقل من، { ثُلُثَىِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَه وثُلُثَهُ } ، قرأ أهل مكة والكوفة: " نِصْفَهُ وثلثَهُ " ، بنصب الفاء والثاء وإشباع الهاءين ضماً، أي: وتقوم نصفه وثلثه وقرأ الآخرون بجر الفاء والثاء وإشباع الهاءين كسراً عطفاً على ثلثي، { وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ معك } يعني المؤمنين وكانوا يقومون معه، { وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ والنَّهَارَ } ، قال عطاء: يريد لا يفوته علم ما تفعلون، أي أنه يعلم مقادير الليل والنهار فيعلم القدر الذي تقومون من الليل، { علمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ } ، قال الحسن: قاموا حتى انتفخت أقدامهم، فنزل: { عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ } أي، لن تطيقوا معرفة ذلك. وقال مقاتل: كان الرجل يصلي الليل كله، مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام، فقال: علم أن لن تحصوه لن تطيقوا معرفة ذلك. { فَتَابَ عَلَيْكُمْ } ، فعاد عليكم بالعفو والتخفيف، { فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ } ، يعني في الصلاة، قال الحسن: يعني في صلاة المغرب والعشاء. قال قيس بن أبي حازم: صليت خلف ابن عباس بالبصرة فقرأ في أول ركعة بالحمد وأول آية من البقرة، ثم قام في الثانية فقرأ بالحمد والآية الثانية من البقرة، ثم ركع، فلما انصرف أقبل علينا فقال: إن الله عزّ وجلّ يقول: فاقرؤوا ما تيسر منه. أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني حدثنا أبو جعفر الرياني حدثنا حميد بن زنجويه حدثنا عثمان بن أبي صالح حدثنا ابن لهيعة حدثني حميد بن مخراق عن أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قرأ خمسين آية في يوم أو في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية لم يحاجّه القرآن يوم القيامة، ومن قرأ خمسمائة آية كُتب له قنطار من الأجر ".

السابقالتالي
2