الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } * { يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ }

{ وَلاَ يَسْـأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } ، قرأ البزي عن ابن كثير " لاَ يُسْأَلُ " بضم الياء أي: لا يسأل حميم عن حميم، أي لا يقال له أين حميمك؟ وقرأ الآخرون بفتح الياء، أي: لا يسأل قريب قريباً لشغله بشأن نفسه. { يُبَصَّرُونَهُم } ، يرونهم وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسأله، ويبصر حميمه فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه. قال ابن عباس: يتعارفون ساعة من النهار ثم لا يتعارفون بعده. وقيل: " يبصرونهم ": يُعَرَّفونهم أي: يُعَرَّفُ الحميم حميمه حتى يعرفه، ومع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه. وقال السدي: يعرفونهم أمّا المؤمن فببياض وجهه، وأما الكافر فبسواد وجهه، { يَوَدُّ المُجْرِمُ } ، يتمنى المشرك، { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ ببنيهِ }. { وَصَاحِبَتِهِ } ، زوجته، { وَأَخِيهِ * وفَصِيلَتِهِ } ، عشيرته التي فصل منهم. قال مجاهد: قبيلته. وقال غيره: أقرباؤه الأقربون. { ٱلَّتِى تُؤويه } ، أي التي تضمه ويأوي إليها. { وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثمَ يُنجيه } ، ذلك الفداء من عذاب رَبّك. { كَلاَّ } ، لا ينجيه من عذاب الله شيء، ثم ابتدأ فقال: { إِنَّهَا لَظى } ، وهي اسم من أسماء جهنم. قيل: هي الدركة الثانية، سميت بذلك لأنها تتلظى أي: تتلهب. { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } ، قرأ حفص عن عاصم " نزاعة " نصب على الحال والقطع، وقرأ الآخرون بالرفع أي هي نزاعة للشوى، وهي الأطراف: اليدان، والرجلان، وسائر والأطراف. قال مجاهد: لجلود الرأس. وروى إبراهيم بن المهاجر عنه: تنزع اللحم دون العظام. قال مقاتل: تنزع النارُ الأطراف فلا تترك لحماً ولا جلداً. وقال الضحاك: تنزع الجلد واللحم عن العظم. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: العصب والعقب. وقال الكلبي: لأمِّ الرأس تأكل الدماغ كله ثم يعود كما كان، ثم تعود لأكله فذلك دأبها. وقال قتادة: لمكارم خلقه وأطرافه. وقال أبو العالية: لمحاسن وجهه. وقال ابن جرير: " الشوى ": جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلاً، يقال: رمى فأشوى إذا أصاب الأطراف ولم يصب المقتل.