الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَـٰلِحًا }. وهو ثمود بن عابر بن أرم بن سام بن نوح، وأراد هاهنا القبيلة. قال أبو عمرو بن العلاء: سُميت ثمود لقلّة مائها، والثمد: الماء القليل، فكانت مساكنهم الحِجْر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى { أَخَاهُمْ صَـٰلِحًا } ، أي: أرسلنا إلى ثمود أخاهم في النسب لا في الدين، وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن خادر بن ثمود، { قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } ، حجة من ربكم على صدقي، { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ } ، أضافها إليه على التفضيل والتخصيص، كما يقال بيت الله، { لَكُمْ ءَايَةً } ، نصب على الحال، { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ } ، العشب، { فِىۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } ، لا تصيبوها بعقر، { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ } ، أسكنكم وأنزلكم، { فِى ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتًا } ، كانوا ينقبون في الجبال البيوت ففي الصيف يسكنون بيوت الطين، وفي الشتاء بيوت الجبال، وقيل: كانوا ينحتون البيوت في الجبل لأن بيوت الطين ما كانت تبقى مدة أعمارهم لطول أعمارهم، { فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } ، والعيث: أشدّ الفساد. { قَالَ ٱلْمَلأُ } ، قرأ ابن عامر: وقالَ الملأ بالواو، { ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } ، يعني: الأشراف والقادة الذين تعظموا عن الإيمان بصالح، { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ } ، يعني الأتباع، { لِمَنْ ءَامَنَ مِنْهُمْ } ، يعني: قال الكفار للمؤمنين، { أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَـٰلِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ } ، إليكم، { قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ }.