الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ } وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس، وهو أول نبيّ بُعِث الله بعد إدريس، وكان نجاراً بعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة. وقال ابن عباس: ابن أربعين سنة. وقيل: بُعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة. وقال مقاتل: ابن مائة سنة. وقال ابن عباس: سُمي نوحاً لكثرة ما ناح على نفسه. واختلفوا في سبب نوحه فقال بعضهم: لدعوته على قومه بالهلاك. وقيل: لمراجعته ربَّه في شأن ابنه كنعان. وقيل: لأنه مرّ بكلب مجذوم، فقال: اخسأ يا قبيح فأوحى الله تعالى إليه أعِبْتَني أم عِبْتَ الكلب؟ { فَقَالَ } لقومه: { يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } ، قرأ أبو جعفر والكسائي { من إله غيره } ، بكسر الراء حيث كان على نعت الإله، وافق حمزة في سورة فاطر:هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ } [فاطر: 3]، وقرأ الآخرون برفع الراء على التقديم، تقديره: ما لكم غيره من إله، { إِنِّىۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } ، إن لم تؤمنوا، { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }. { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَـٰلٍ } ، خطأ وزوال عن الحق، { مُّبِينٍ } ، بيّن. { قَالَ } نوح: { يَـٰقَوْمِ لَيْسَ بِى ضَلَـٰلَةٌ } ، ولم يقل ليست، لأن معنى الضلالة: الضلال، أو على تقديم الفعل، { وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }. { أُبَلِّغُكُمْ } ، قرأ أبو عمرو: " أبلغكم " بالتخفيف حيث كان من الإبلاغ، لقوله:لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ } [الأعراف: 93]، { رِسَـٰلـٰتِ رَبِّى } ، " ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم " وقرأ الآخرون بالتشديد من التبليغ لقوله تعالى:بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } [المائدة: 67]، رسالات ربي، { وَأَنصَحُ لَكُمْ } ، يقال: نصحته ونصحت له، والنصح أن يريد لغيره من الخير ما يريد لنفسه، { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } ، أن عقابه لا يُردُّ عن القوم المجرمين.