الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } * { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }

{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ } ، تكبّروا على الإيمان بها، وإنما ذكر الاستكبار لأن كل مكذِّب وكافر متكبّر. قال الله تعالى:إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } [الصافات: 35]، { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ }. قوله تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } ، جعل له شريكاً، { أَوْ كَذَّبَ بِـآيَـٰتِهِ } ، القرآن، { أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ } ، أي: حظّهم ممّا كتب لهم في اللوح المحفوظ. واختلفوا فيه، قال الحسن والسدي: ما كتب لهم من العذاب وقضى عليهم من سواد الوجوه وزرقة العيون. قال عطية عن ابن عباس: كُتب لمن يفتري على الله أنّ وجهه مسود، قال الله تعالى:وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } [الزمر: 60]. وقال سعيد بن جبير ومجاهد: ما سبق لهم من الشقاوة والسعادة. وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: يعني أعمالهم التي عملوها وكتب عليهم من خير وشرّ يجزي عليها. وقال محمد بن كعب القرظي: ما كتب لهم من الأرزاق والآجال والأعمار والأعمال فإذا فنيت، { جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ } ، يقبضون أرواحهم يعني ملك الموت وأعوانه، { قَالُوۤاْ } ، يعني: يقول الرسل للكفار، { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ } ، تعبدون، { مِن دُونِ ٱللَّهِ } ، سؤال تبكيت وتقريع، { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } ، بطلوا وذهبوا عنّا، { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } ، اعترفوا عند معاينة الموت، { أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰفِرِينَ }.