الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } * { يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { فَرِيقًا هَدَىٰ } ، أي: هداهم الله، { وَفَرِيقًا حَقَّ } ، وجب { عَلَيْهِمُ ٱلضَّلَـٰلَةُ } ، أي: بالإرادة السابقة، { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَـٰطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } ، فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند سواء. قوله تعالى: { يَابَنِيۤ آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } قال أهل التفسير: كانت بنو عامر يطوفون بالبيت عراة، فأنزل الله عزّ وجلّ: " يا بني آدم خذُوا زينتَكم عندَ كلِّ مسجد " ، يعني: الثياب. قال مجاهد: ما يُواري عورتك ولو عباءة. قال الكلبي: الزينة ما يُواري العورة عند كل مسجد لطواف وصلاة. { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ }. قال الكلبي: كانت بنو عامر لا يأكلون في أيام حجِّهم من الطعام إلاّ قوتاً ولا يأكلون دسماً، يعظّمون بذلك حجَّهم، فقال المسلمون: نحن أحق أن نفعل ذلك يا رسول الله، فأنزل الله عزّ وجلّ: " وكلوا " يعني اللحم والدسم " واشربوا " اللبن، { وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } ، بتحريم ما أحلّ الله لكم من اللحم والدسم، { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } ، الذين يفعلون ذلك. قال ابن عباس: كُلْ ما شئتَ والبسْ ما شئتَ ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة. قال علي بن الحسين بن واقد: قد جمع الله الطِبَّ كله في نصف آية فقال: { كُلوا واشربوا ولا تسرفوا }. قوله عزّ وجلّ: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِىۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } ، يعني: لبس الثياب في الطواف، { وَالْطَّيِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ } ، يعني: اللحم والدسم في أيام الحج. وعن ابن عباس وقتادة: والطيبات من الرزق ما حرّم أهل الجاهلية من البحائر والسوائب. { قُلْ هِى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ، فيه حذف تقديره: هي للذين آمنوا وللمشركين في الحياة الدنيا فإن أهل الشّرك يشاركون المؤمنين في طيبات الدنيا، وهي في الآخرة خالصة للمؤمنين لا حظّ للمشركين فيها. وقيل: هي خالصة يوم القيامة من التنغيص والغم للمؤمنين، فإنها لهم في الدنيا مع التنغيص والغم. قرأ نافع { خَالِصَةً } رفع، أي: قلْ هي للذين آمنوا مشتركين في الدنيا، خالصة يوم القيامة للمؤمنين. وقرأ الآخرون بالنصب على القطع، { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلأَيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }.