الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ }

قوله تعالى: { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ } أي: يصيبك ويعتريك ويعرض لك من الشيطان نزغ نخسة. والنزغ من الشيطان الوسوسة. وقال الزجاج: النزغ أدنى حركة تكون من الآدمي، ومن الشيطان أدنى وسوسة.وقال عبد الرحمن بن زيد: " لما نزلت هذه الآية: " خُذِ العفوَ " ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كيف يا رب والغضب»؟ فنزل: { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } " ، أي: استجرْ بالله { إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } ، يعني المؤمنين، { إِذَا مَسَّهُمْ طَـٰئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } ، قرأ ابن كثير وأهل البصرة والكسائي: " طيف " ، وقرأ الآخرون " طَآئف " بالمد والهمز وهما لغتان كالميت والمائت، ومعناهما: الشيء يُلِمُّ بك. وفرّق قوم بينهما، فقال أبو عمرو: الطائف ما يطوف حول الشيء، والطيف: اللمَّة والوسوسة. وقيل: الطائف ما يطوف بك من وسوسة الشيطان، والطيف: اللمم والمسّ. { تَذَكَّرُواْ } ، عرفوا، قال سعيد بن جبير: هو الرجل يغضب الغضبة فيذكر الله تعالى فيكظم الغيظ. وقال مجاهد: الرجل يهمّ بالذنب فيذكر الله فيدعه. { فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } ، أي: يبصرون مواقع خطاياهم بالتذكر والتفكر. قال السدي: إذا زلّوا تابُوا. وقال مقاتل: إن المتقي إذا أصابه نزغ من الشيطان تذكر وعرف أنه معصية، فأبصر فنزغ عن مخالفة الله.