الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }

{ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ } ، يعني: الخصب والسعة والعافية، { قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ } ، أي: نحن أهلها ومستحقوها على العادة التي جرت لنا في سعة أرزاقنا ولم يروها تفضّلاً من الله عزّ وجلّ فيشكروا عليها، { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } ، جدب وبلاء ورأوا ما يكرهون، { يَطَّيَّرُواْ } يتشاءموا، { بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ } ، وقالوا: ما أصابنا بلاء حتى رأيناهم، فهذا من شؤم موسى وقومه. وقال سعيد بن جبير ومحمد بن المنكدر: وكان مُلْكُ فرعون أربعمائة سنة، وعاش ستمائة وعشرين سنة لا يرى مكروهاً، ولو كان له في تلك المدة جوع يوم أو حُمَّى ليلة، أو وجع ساعة، لمَا ادّعى الربوبية قط. قال الله تعالى: { أَلاَۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ } ، أي: انصباؤهم من الخصب والجدب والخير والشر كله من الله. وقال ابن عباس: طائرهم ما قضى الله عليهم وقدّر لهم، وفي رواية عنه: شُؤمهم عند الله ومن قِبَل الله، أي: إنّما جاءهم الشؤم بكفرهم بالله. وقيل: معناه الشؤم العظيم هو الذي لهم عند الله من عذاب النار، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، أن الذي أصابهم من الله. { وَقَالُوا } يعني: القبط لموسى، { مَهْمَا تَأْتِنَا } متى، ما كلمة تستعمل للشرط والجزاء، { تَأْتِنَا بِهِ مِن ءَايَةٍ } ، علامة، { لِّتَسْحَرَنَا بِهَا } ، لتنقلنا عمّا نحن عليه من الدين، { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } ، بمصدقين. { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ } ، قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ومحمد بن إسحاق - دخل كلام بعضهم في بعض -: لمّا آمنت السحرة، ورجع فرعون مغلوباً، أبى هو وقومه إلاّ الإقامة على الكفر والتمادي في الشرّ، فتابع الله عليهم الآيات وأخذهم بالسنين ونقص من الثمرات، فلما عالج بالآيات الأربع: العصا، واليد، والسنين، ونقص الثمار، فأبوا أن يؤمنوا فدعا عليهم، فقال: يا رب إن عبدك فرعون علا في الأرض وطغى وعتا وإن قومه قد نقضوا عهدك، ربِّ فخذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمةً ولقومي عظةً ولمن بعدهم آيةً وعبرة، فبعث الله عليهم الطوفان، وهو الماء أرسل الله عليهم الماء وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مشتبكة مختلطة، فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم من جلس منهم غرق، ولم يدخل بيوتَ بني إسرائيل من الماءِ قطرة، وركد الماء على أرضهم لا يقدرون أن يحرثوا ولا يعملوا شيئاً، ودام ذلك عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت. وقال مجاهد وعطاء: الطوفان الموت. وقال وهب: الطوفان الطاعون بلغة اليمن. وقال أبو قلابة: الطوفان الجدري، وهم أول من عذّبوا به فبقي في الأرض. وقال مقاتل: الطوفان الماء طغى فوق حروثهم. وروي عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: الطوفان أمر من الله أطاف بهم، ثم قرأ:فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ }

السابقالتالي
2 3