الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } * { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ }

{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } ، عتت على خُزَّانها فلم تطعهم ولم يكن لهم عليها سبيل، وجاوزت المقدار فلم يعرفوا كم خرج منها. { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ } أرسلها عليهم. وقال مقاتل: سلطها عليهم. { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَـٰنِيَةَ أيامٍ } ، قال وهب: هي الأيام التي تسميها العرب أيام العجوز ذات برد ورياح شديدة. قيل: سميت عجوزاً لأنها عجز الشتاء. وقيل: سميت بذلك لأن عجوزاً من قوم عاد دخلت سرباً فتبعتها الريح، فقتلتها اليوم الثامن من نزول العذاب وانقطع العذاب. { حُسوماً } ، قال مجاهد وقتادة: متتابعة ليس لها فترة، فعلى هذا فهو مِنْ حسم الكَيّ، وهو أن يتابع على موضع الداء بالمكوة حتى يبرأ، ثم قيل لكل شيء توبع: حاسم، وجمعه حسوم، مثل شاهد وشهود، وقال الكلبي ومقاتل: حسوماً دائمة. وقال النضر بن شميل: حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم، والحسم: القطع والمنع ومنه حسم الداء. قال الزجاج: الذي توجبه الآية فعلى معنى تحسمهم حسوماً تفنيهم وتذهبهم. وقال عطية: حسوماً كأنها حسمت الخير عن أهلها { فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا } ، أي في تلك الليالي والأيام، { صَرْعى } ، هلكى جمع صريع، { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيةٍ } ، ساقطة، وقيل: خالية الأجواف. { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } ، أي من نفس باقية يعني: لم يبق منهم أحد. { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ } ، قرأ أهل البصرة والكسائي بكسر القاف، وفتح الباء أي ومن معه من جنوده وأتباعه، وقرأ الآخرون بفتح القاف وسكون الباء، أي ومن قبله من الأمم الكافرة، { وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ } ، أي: قرى قوم لوط يريد: أهل المؤتفكات. وقيل: يريد الأمم الذين ائتفكوا بخطيئتهم، أي أهلكوا بذنوبهم، { بِٱلْخَاطِئَةِ } ، أي بالخطيئة والمعصية وهي الشرك. { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ } ، يعني لوطاً وموسى، { فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَة } ، نامية. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: شديدة. وقيل: زائدة على عذاب الأمم. { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ } ، أي عتا وجاوز حده حتى علا على كل شيء وارتفع فوقه يعني زمن نوح عليه السلام. { حَمَلْنَٰكُمْ } ، أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم، { فِى ٱلجَارِيةِ } ، في السفينة التي تجري في الماء.