الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }

{ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } ، هو جواب لقولهميٰأَيُّهَا ٱلَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } [الحجر: 6] فأقسم الله بالنون والقلم وما يكتب من الأعمال فقال: { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ } ، بنبوة ربك { بمجنون } ، أي: إنك لا تكون مجنوناً وقد أنعم الله عليك بالنبوّة والحكمة. وقيل: بعصمة ربك. وقيل: هو كما يقال: ما أنت بمجنون والحمد لله. وقيل: معناه ما أنت بمجنون والنعمة لربك، كقولهم: سبحانك اللهم وبحمدك أي والحمد لك. { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } ، أي: منقوص ولا مقطوع بصبرك على افترائهم عليك. { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } ، قال ابن عباس ومجاهد: دين عظيم لا دين أحب إليّ ولا أرضى عندي منه، وهو دين الإسلام. وقال الحسن: هو آداب القرآن. سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن. وقال قتادة: هو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله، والمعنى إنك لعلى الخلق الذي أمرك الله به في القرآن. وقيل: سمى الله خلقه عظيماً لأنه امتثل تأديب الله إياه بقوله:خُذِ ٱلْعَفْوَ } [الأعراف: 199] الآية. وروينا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق، وتمام محاسن الأفعال ". أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أحمد بن سعيد أبو عبد الله حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا إبراهيم ابن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خَلْقاً ليس بالطويل البائن ولا بالقصير. أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن أنس بن مالك قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفٍ قطُّ وما قال لشيء صنعتُه: لِمَ صنعتَه؟ ولا لشيء تركتُه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلقاً وما مسست خزاً قط ولا حريراً ولا شيئاً كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً ولا عطراً كان أطيب من عَرَقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البَرْني حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان الثوري عن الأعْمش عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله بن عمرو قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فحاشاً ولا متفحشاً وكان يقول:

السابقالتالي
2 3