الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ } هذا خبر من الله أنه يقول للكفار يوم القيامة: ولقد جئتمونا فُرادَى وحداناً، لا مال معكم ولا زوج ولا ولد ولا خدم، وفُرادى جمع فَرْدان، مثل سكران وسكارى، كسلان وكسالى، وقرأ الأعرج فَرْدَى بغير ألف مثل سكرى، { كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، عراةً حفاةً غُرْلاً، { وَتَرَكْتُم } ، خلّفتم { مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ } ، أعطيناكم من الأموال والأولاد والخدم، { وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ } خلف ظهوركم في الدنيا، { وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ } ، وذلك أن المشركين زعموا أنّهم يعبدون الأصنام لأنهم شركاء الله وشفعاؤهم عنده، { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } ، قرأ أهل المدينة والكسائي وحفص عن عاصم بنصب النون، أي: لقد تقطع ما بينكم من الوصل، أو تقطع الأمر بينكم، وقرأ الآخرون " بينُكم " برفع النون، أي: لقد تقطع [وصلكم] وذلك مثل قوله:وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } [البقرة: 166]، أي: الوصلات والبين من الأضداد يكون وصلاً ويكون هجراً، { وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }.