{ وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ } ، على محمد صلى الله عليه وسلم، { مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِىَ ٱلأَمْرُ } ، أي: لوجب العذاب، وفُرغ من الأمر، وهذا سنّة الله في الكفار أنهم متى اقترحوا آية فأنزلت ثم لم يؤمنوا استُؤصلوا بالعذاب، { ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } ، أي: لا يؤجلون ولا يمهلون، وقال قتادة: لو أنزلنا ملكاً ثم لم يُؤمنوا لعُجّل لهم العذابُ ولم يُؤخرُوا طرفةَ عين، وقال مجاهد: لقضي الأمر أي لقامت القيامة، وقال الضحّاك: لو أتاهم ملك في صورته لماتُوا. { وَلَوْ جَعَلْنَـٰهُ مَلَكاً } ، [يعني: لو أرسلنا إليهم ملكاً]، { لَّجَعَلْنَـٰهُ رَجُلاً } ، يعني: في صورة [رجل] آدمي، لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة، وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي، وجاء الملكان إلى داود في صورة رجلين. قوله عزّ وجلّ: { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } ، أي: خلطنا عليهم ما يخلطون وشبّهنا عليهم فلا يدرون أملَكٌ هو أو آدمي، وقيل: معناه شَبّهوا على ضعفائهم فشبّه عليهم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هم أهل الكتاب فرّقوا دينهم وحرّفوا الكلم عن مواضعه، فلبس الله عليهم ما لبسوا على أنفسهم وقرأ الزهري { للبسنا } بالتشديد على التكرير والتأكيد. { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ } ، كما استهزىء بك يا محمد، يعزّي نبيّه صلى الله عليه وسلم، { فَحَاقَ } ، قال الربيع [بن أنس]: فنزل، وقال عطاء: حلّ، وقال الضحّاك: أحاط، { بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } ، أي: جزاء استهزائهم من العذاب والنقمة. { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المكذبين المستهزئين، { سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } ، معتبرين، يحتمل هذا: السير بالعقول والفكر، ويحتمل السير بالأقدام، { ثُمَّ ٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } ، أي: آخر أمرهم وكيف أورثهم الكفر والتكذيب الهلاك، يُحذّر كفار مكة عذاب الأمم الخالية.