الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } * { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ } * { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

{ وَكذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ } أي: القرآن، وقيل: بالعذاب، { وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } ، برقيب، وقيل: بمسلَّطٍ ألزمكم الإسلام شِئْتُمْ أو أبيتم، إنّما أنا رسول. { لِّكُلِّ نَبَإٍ } ، خبر من أخبار القرون، { مُّسْتَقَرٌّ } ، حقيقة ومنتهى ينتهي إليه فيتبيّن صدقه من كذبه وحقّه من باطله، إما في الدنيا وإمّا في الآخرة، { وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } ، وقال مقاتل: لكل خبر يخبره الله وقت [وقّته] ومكان يقع فيه من غير خلف ولا تأخير، وقال الكلبي: [لكلِّ] قولٍ وفعلٍ حقيقة، إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة وسوف تعلمون ما كان في الدنيا فستعرفونه، وما كان في الآخرة فسوف يبدو لكم. قوله عزّ وجلّ: { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا } ، يعني: في القرآن بالاستهزاء { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ، فاتركهم [ولا تجالسهم]، { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ } ، قرأ ابن عامر بفتح النون وتشديد السين، وقرأ الآخرون بسكون النون وتخفيف السين، { ٱلشَّيْطَـٰنُ } نَهْيَنَا، { فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، يعني: إذا جالست معهم ناسياً فقم من عندهم بعدما تذكّرت. { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَىْءٍ } ، رُوي عن ابن عباس أنه قال: لمّا نزلت هذه الآية: { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ، قال المسلمون: كيف نقعد في المسجد الحرام ونطوف بالبيت وهم يخوضون أبداً؟ وفي رواية: قال المسلمون: فإنا نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ } ، الخوض { مِنْ حِسَابِهِم } أي: من آثام الخائضين، { مِّن شَىْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ } ، أي: ذكروهم وعِظُوهم بالقرآن، والذكر والذكرى واحد، يريد ذكّروهم ذكري، فتكون في محل النصب، { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } ، الخوض إذا وعظتموهم فرخّصَ في مجالستهم على الوعظ لعله يمنعهم ذلك من الخوض، وقيل: لعلّهم يستحيون.