الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } يعني: في النار كقوله تعالى: على ملك سليمان، أي: في ملك سليمان، وقيل: عُرضوا على النار، وجواب " لو " محذوف معناه: لو تراهم في تلك الحالة لرأيتَ عجباً، { فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } ، يعني: إلى الدنيا، { وَلاَ نُكَذِّبَ بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، قراءة العامّة كلها بالرفع على معنى: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذبُ، ونكونُ من المؤمنين، وقرأ حمزة وحفص ويعقوب " ولا نكذبَ ونكونَ " بنصب الباء والنون على جواب التمنّي، أي: ليت ردنا وقع، وأن لا نكذب ونكون، والعرب تنصب جواب التمنّي، أي: ليت ردنا وقع، وأن لا نكذب ونكون، والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما تنصب بالفاء، وقرأ ابن عامر " نكذب " بالرفع، و " ونكون " بالنصب لأنهم تمنوا أن يكونوا من المؤمنين، وأخبروا عن أنفسهم أنهم لا يكذبون بآيات ربهم إنْ رُدوا إلى الدنيا. { بَلْ بَدَا لَهُم } ، قوله: " بل " تحته ردّ لقولهم، أي: ليس الأمر على ما قالوا إنهم لو رُدّوا لآمنُوا بل بدَا لهم: ظهر لهم، { مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ } ، يسرّون { مِن قَبْلُ } في الدنيا من كفرهم ومعاصيهم، وقيل: ما كانوا يخفون، وهو كقولهم:وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، فأخفوا شركهم وكتموا حتى شهدتْ عليهم جوارحُهم بما كتمُوا وستروا، لأنهم كانوا لا يخفون كفرهم في الدنيا، إلا أن تُجعل الآية في المنافقين، وقال المبرد: بل بدا لهم جزاء ما كانوا يخفون، وقال النضر بن شميل: بل بَدَا عنهم. ثم قال: { وَلَوْ رُدُّواْ } إلى الدنيا { لَعَـادُواْ لِمَا } ، يعني: إلى ما { نُهُواْ عَنْهُ } من الكفر، { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } ، في قولهم، لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. { وَقَالُوۤاْ إِن هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } ، هذا إخبار عن إنكارهم البعث، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذا من قولهم لو ردوا لقالوه. قوله تعالى: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } ، أي: على حكمه وقضاءه ومسألته، وقيل: عُرضوا على ربهم، { قال } لهم وقيل: تقول لهم الخزنة بأمر الله، { أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ }؟ يعني: أليس هذا البعث والعذاب بالحق؟ { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا } إنه حقّ، قال ابن عباس: هذا في موقف، وقولهم: والله ربِّنا ما كنّا مشركين في موقف آخر، والقيامة مواقف، ففي موقف يُقرّون، وفي موقف يُنكرون، { قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }.