الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ }

{ وَقَالُوا } يعني: المشركين، { هَـٰذِهِ أَنْعَـٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } ، أي: حرام، يعني: ما جعلوا لله ولآلهتهم من الحرث والأنعام على ما مضى ذكره. وقال مجاهد: يعني بالأنعام: البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، { لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ } ، يعنون الرجال دون النساء { وَأَنْعَـٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } ، هي: الحوامَى كانوا لا يركبونها، { وَأَنْعَـٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } ، أي: يذبحونها باسم الأصنام لا باسم الله، وقال أبو وائل: معناه لا يحجّون عليها ولا يركبونها لفعل الخير، لأنه لمّا جرتِ العادة بذكر اسم الله على فعل الخير عبّر بذكر الله تعالى عن فعل الخير. { ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ } ، يعني: أنهم يفعلون ذلك ويزعمون أن الله أمرهم به افتراءً عليه { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }. { وَقَالُواْ مَا فِى بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَـٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا } ، أي: نسائنا. قال ابن عباس وقتادة والشعبي: أراد أجِنَّةَ البحائر والسوائب، فما وُلد منها حيّاً فهو خالص للرجال دون النساء، وما وُلد ميّتاً أكله الرجال والنساء جميعاً. وأدخل الهاء في { الخالصة } للتأكيد كالخاصة والعامة، كقولهم: نَسَّابة وعلاَّمة، وقال الفراء: أُدخلت الهاء لتأنيث الأنعام لأن ما في بطونها مثلها فأنثت بتأنيثها. وقال الكسائي: خالص وخالصة واحد، مثل وعظٍ وموعظة. { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً } ، قرأ ابن عامر [وأبو جعفر]: { تكن } بالتاء { ميتة } رفع، ذكر الفعل بعلامة التأنيث، لأن الميتة في اللفظ مؤنثة. وقرأ أبو بكر عن عاصم { تكن } بالتاء { ميتة } نصب، أي: وإن تكن الأجنة ميتة، وقرأ ابن كثير { وإنْ يكن } بالياء { ميتة } رفع، لأنّ المراد بالميتة الميت، أي: وإن يقع ما في البطون ميّتاً، وقرأ الآخرون: { وإنْ يكن } بالياء { ميتة } نصب، ردّه إلى { ما } ، أي: وإن يكن ما في البطون ميتة، [يدل عليه أنه قال]: { فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ } ، ولم يقل فيها، وأراد أن الرجال والنساء فيه شركاء. { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } ، أي: بوصفهم، أو على وصفهم الكذب على الله، { إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }.