الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله عزّ وجل: { أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـٰهُ } ، قرأ نافع { ميِّتاً } ولَحْمَ أَخِيهِ مَيْتا } [الحجرات: 12] وٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا } [يس: 33]، بالتشديد فيهن، والآخرون بالتخفيف { فأَحْيَيْنَاهُ } ، أي: كان ضَالاً فهديناه، كان ميتاً بالكفر فأحييناه بالإيمان، { وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً } ، يستضيء به، { يَمْشِى بِهِ فِى ٱلنَّاسِ } ، على قصد السبيل، قيل: النور هو الإسلام لقوله تعالى:يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [البقرة: 257]، وقال قتادة: هو كتاب الله بيّنةٌ من الله مع المؤمنين، بها يعمل وبها يأخذ وإليها ينتهي، { كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ } ، المثل صلة، أي: كمن هو في الظلماتِ، { لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } ، يعني: من ظلمة الكفر. قيل: نزلت هذه الآية في رجلين بأعيانهما، ثم اختلفوا فيهما، قال ابن عباس: جعلنا له نوراً، يريد حمزة بن عبدالمطلب، كمن مثله في الظلمات يريد أبا جهل بن هشام، وذلك أنّ أبا جهل رمَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِفَرْثٍ، فأُخبر حمزةُ بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس، وحمزة لم يؤمن بعد، فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يتضرع إليه، ويقال: يا أبا يعلى أما ترى ما جاء به؟ سفّه عقولنا وسبّ آلهتنا وخالف آباءنا، قال حمزة: ومن أسفه منكم؟ تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فأنزل الله هذه الآية. وقال الضحاك: نزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل. وقال عكرمة والكلبي: نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل. { كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَـٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، من الكفر والمعصية. قال ابن عباس: يريد زين لهم الشيطان عبادة الأصنام.