الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } * { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }

{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } قال ابن عباس: يعني ونحول بينهم وبين الإيمان، فلو جئناهم بالآيات التي سألوا ما آمنوا بها كما لم يؤمنوا به أول مرة، أي: كما لم يؤمنوا بما قبلها من الآيات من انشقاق القمر وغيره، وقيل: كما لم يُؤمنوا به أول مرة، يعني: معجزات موسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام كقوله تعالىٰ:أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } [القصص: 48]، وفي الآية محذوف تقديره: ولا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة، وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: المرّة الأولى دار الدنيا، يعني: لو رُدّوا من الآخرة إلى الدنيا نقلب أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان كما لم يؤمنوا في الدنيا قبل مماتهم، كما قال:وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [الأنعام: 28]، { وَنَذَرُهُمْ فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } ، قال عطاء: نخذلهم وندعهم في ضلالهم يتمادون. { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ } ، فرأوهم عياناً { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } ، بإحيائنا إياهم فشهدوا لك بالنبوة كما سألوا، { وَحَشَرْنَا } ، وجمعنا، { عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلاً } ، قرأ أهل المدينة وابن عامر { قُبُلاً } بكسر القاف وفتح الباء، أي: معاينة، وقرأ الآخرون بضم القاف والباء، قيل: هو جمع قبيل، وهو الكفيل، مثل رغيف ورُغف، وقضيب وقُضُبٍ، أي: ضُمناء وكُفلاء، وقيل: هو جمع قبيل وهو القبيلة، أي: فوجاً فوجاً، وقيل: هو بمعنى المقابلة والمواجهة، من قولهم: أتيتك قبلاً لا دبراً إذا أتاه من قبل وجهه. { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } ، ذلك، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }.