الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } * { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }

{ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ } وكان الأمر كذلك، فإنهم أخرجوا من ديارهم فلم يخرج المنافقون معهم، وقوتلوا فلم ينصروهم: قوله تعالى: { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَٰرَ } ، أي لو قدر وجود نصرهم. قال الزجَّاج: معناه لو قصدوا نصر اليهود لولوا الأدبار منهزمين، { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } ، يعني بني النضير لا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصرهم. { لأَنتُمْ } يا معشر المسلمين، { أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱلله } ، أي يرهبونكم أشد من رهبتهم من الله، { ذلكَ } ، أي ذلك الخوف منكم، { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون } ، عظمة الله. { لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ } ، يعني اليهود، { جَمِيعاً إِلاَّ فِى قُرىً مُحْصَنَةٍ } ، أي لا يبرزون لقتالكم إنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى والجدران، وهو قوله: { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو: " جدار " على الواحد، وقرأ الآخرون " جُدُر " بضم الجيم والدال على الجمع. { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } ، أي: بعضهم فظٌّ على بعض وعداوة بعضهم بعضاً شديدة. وقيل: بأسهم فيما بينهم من وراء الحيطان والحصون شديد، فإذا خرجوا لكم فهم أجبن خلق الله، { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } ، متفرقة مختلفة، قال قتادة: أهل الباطل مختلفة أهواؤهم، مختلفة شهادتهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق. وقال مجاهد: أراد أن دين المنافقين يخالف دين اليهود. { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }.