الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

{ سَابِقُوۤاْ } سارعوا، { إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } لو وصل بعضها ببعض، { أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ، ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } فبين أن أحداً لا يدخل الجنة إلا بفضل الله. قوله عزّ وجلّ: { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى ٱلأَرْضِ } يعني: قحط المطر، وقلة النبات، ونقص الثمار، { وَلاَ فِىۤ أَنفُسِكُمْ } يعني: الأمراض وفقد الأولاد، { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ } يعني: اللوح المحفوظ، { مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا } من قبل أن نخلق الأرض والأنفس. قال ابن عباس: من قبل أن نبرأ المصيبة. وقال أبو العالية: يعني النَّسَمَة، { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } ، أي إثبات ذلك على كثرته هين على الله عزّ وجلّ. { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ } ، تحزنوا، { عَلَىٰ مَا فاتكم } ، من الدنيا، { وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَٰكُمْ } ، قرأ أبو عمرو بقصر الألف لقوله " فاتكم " فجعل الفعل له، وقرأ الآخرون { آتاكم } بمد الألف، أي: أعطاكم. قال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ولكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور } ، متكبر بما أوتي من الدنيا، " فخور " يفخر به على الناس. قال جعفر بن محمد الصادق: يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت، ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يدك الموت. { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } ، قيل: هو في محل الخفض على نعت المختال. وقيل: هو رفع بالابتداء وخبره فيما بعده. { وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يتولَّ } ، أي يعرض عن الإيمان { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ } ، قرأ أهل المدينة والشام: { فإن الله الغني } ، بإسقاط هو، وكذلك هو في مصاحفهم.