الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } * { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ }

{ وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَـٰقَكُمْ } ، قرأ أبو عمرو { أُخِذَ } بضم الهمزة وكسر الخاء { ميثاقُكم } برفع القاف على ما لم يسمَّ فاعله. وقرأ الآخرون بفتح الهمزة والخاء والقاف، أي: أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام، بأن الله ربكم لا إله لكم سواه، قاله مجاهد. وقيل: أخذ ميثاقكم بإقامة الحجج والدلائل التي تدعو إلى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم. { إِن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ } يوماً، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والإعلام ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن. { هُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ } ، محمد صلى الله عليه وسلم { ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ } ، يعني القرآن، { لِيُخْرِجَكُم } ، الله بالقرآن، { مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى النُّورِ } ، وقيل: ليخرجكم الرسول بالدعوة من الظلمات إلى النور أي من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان، { وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رحيم }. { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، يقول: أي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقرب من الله وأنتم ميتون تاركون أموالكم، ثم بين فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله وبالجهاد فقال: { لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلفَتْح } ، يعني فتح مكة في قول أكثر المفسرين، وقال الشعبي: هو صلح الحديبية، { وَقَٰتَلَ } ، يقول: لا يستوي في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة مع من أنفق وقاتل بعده، { أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَٰتَلُوا }. وروى محمد بن فضيل عن الكلبي أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فإنه أول من أسلم وأول من أنفق ماله في سبيل الله. وقال عبد الله بن مسعود: أول من أظهر إسلامه بسيفه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر. أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب أخبرنا محمد بن يونس حدثنا العلاء بن عمرو الشيباني حدثنا أبو إسحاق الفزاري حدثنا سفيان بن سعيد عن آدم بن علي عن ابن عمر قال: " كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال، فنزل عليه جبريل فقال: مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال؟ فقال: " أنفق ماله عليّ قبل الفتح " قال: فإن الله عزّ وجلّ يقول: اقرأ عليه السلام وقل له: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بكر إن الله عزّ وجلّ يقرأ عليك السلام ويقول لك: أراضٍ أنت في فقرك هذا أم ساخط؟ " فقال أبو بكر: أأسخط على ربي؟ إني عن ربي راضٍ إني عن ربي راضٍ ".

السابقالتالي
2 3