الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } * { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } * { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } * { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } * { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ } * { وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ } * { كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } * { أَكُفَّٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ } * { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } * { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } * { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } * { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } * { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }

{ وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَـٰصِباً } ، ريحاً ترميهم بالحصباء، وهي الحصى، وقال الضحاك: يعني صغار الحصى. وقيل: " الحصباء " هي الحجر الذي دون ملء الكف، وقد يكون الحاصب الرامي، فيكون المعنى على هذا، أرسلنا عليهم عذاباً يحصبهم، أي: يرميهم بالحجارة، ثم استثنى فقال: { إِلاَّ آلَ لُوطٍ } ، يعني لوطاً وابنتيه، { نَّجَّيْنَـٰهُم } ، من العذاب، { بِسَحَرٍ }. { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا } ، أي: جعلناه نعمة منا عليهم حيث أنجيناهم، { كَذَلِكَ } ، كما أنعمنا على آل لوط، { نَجْزِى مَن شَكَرَ } ، قال مقاتل: من وحَّد الله لم يعذبه مع المشركين. { وَلَقَدْ أَنذَرَهُم } ، لوط، { بَطْشَتَنَا } ، أخذنا إياهم بالعقوبة، { فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } ، شكوا بالإِنذار وكذبوا ولم يصدقوا. { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } ، طلبوا أن يسلم إليهم أضيافه { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ } ، وذلك أنهم لما قصدُوا دَارَ لوطٍ وعالجوا الباب ليدخلوا، قالت الرسل [للوط]: خلِّ بينهم وبين الدخول فإنا رسل ربك لن يصلوا إليك، فدخلوا الدار فصفقهم جبريل بجناحه بإذن الله فتركهم عمياً يترددون متحيرين لا يهتدون إلى الباب، فأخرجهم لوط عمياً لا يبصرون. قوله: { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ } ، يعني صيّرناها كسائر الوجه لا يُرى لها شق، هذا قول أكثر المفسرين. وقال الضحاك: طمس الله أبصارهم فلم يروا الرسل، فقالوا: قد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا، فلم يروهم فرجعوا. { فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ } ، أي: ما أنذركم به لوط من العذاب. { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً } ، جاءهم وقت الصبح، { عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } ، دائم استقر فيهم حتى أفضى بهم إلى عذاب الآخرة، وقيل: عذاب حق. { فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ * وَلَقَدْ جَآءَ ءَالَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ } ، يعني: موسى وهارون عليهما السلام، وقيل: هي الآيات التي أنذرهم بها موسى. { كَذَّبُواْ بِـئايَـٰتِنَا كُلِّهَا } ، وهي الآيات التسع، { فَأَخَذْنَـٰهُمْ } ، بالعذاب، { أَخْذَ عَزِيزٍ } ، غالب في انتقامه، { مُّقْتَدِرٍ } ، قادر على إهلاكهم، لا يعجزه ما أراد، ثم خوّف أهل مكة فقال: { أَكُفَّـٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَـٰئِكُمْ } ، أشدّ وأقوى من الذين أحللت بهم نقمتي من قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون؟ وهذا استفهام بمعنى الإِنكار أي: ليسوا بأقوى منهم، { أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ } ، من العذاب، { فِى ٱلزُّبُرِ } ، في الكتب أنه لن يصيبكم ما أصاب الأمم الخالية. { أَمْ يَقُولُونَ } ، يعني: كفار مكة، { نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } ، قال الكلبي: نحن جميع أمرنا منتصر من أعدائنا، والمعنى: نحن يَدٌ واحدة على من خالفنا، منتصر ممن عادانا، ولم يقل منتصرون لموافقة رؤوس الآي. قال الله تعالى: { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ } ، قرأ يعقوب: " سنهزم " بالنون، " الجمعَ " نصبٌ، وقرأ الآخرون بالياء وضمها " الجمعُ " رفعٌ على غير تسمية الفاعل، يعني: كفار مكة، { وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } ، يعني: الأدبار فوحَّد لأجل رؤوس الآي، كما يقال: ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأس إذا كان الواحد يؤدي معنى الجمع، أخبر الله أنهم يولون أدبارهم منهزمين فصدق الله وعده وهزمهم يوم بدر.

السابقالتالي
2 3