الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } * { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ } * { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } * { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ }

{ سَيَعْلَمُونَ } ، قرأ ابن عامر وحمزة: " ستعلمون " ، بالتاء على معنى قال صالح لهم، وقرأ الآخرون بالياء، يقول الله تعالى: { سَيَعْلَمُونَ غَداً } ، حين ينزل بهم العذاب. وقال الكلبي: يعني يوم القيامة. وذكر " الغد " للتقريب على عادة الناس، يقولون: إن مع اليوم غداً، { مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ }. { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ } ، أي: باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا، وذلك أنهم تعنتوا على صالح، فسألوه أن يخرج لهم من صخرةٍ ناقةً حمراء عُشَراء، فقال الله تعالى: { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ } ، محنةً واختباراً لهم، { فَٱرْتَقِبْهُمْ } ، فانتظر ما هم صانعون، { وَٱصْطَبِرْ } ، واصبر على ارتقابهم، وقيل: على ما يصيبك من الأذى. { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } ، وبين الناقة، يوم لها ويوم لهم، وإنما قال نبيهم لأن العرب إذا أخبرت عن بني آدم وعن البهائم غلَّبت بني آدم على البهائم، { كُلُّ شِرْبٍ } ، نصيب من الماء، { مُّحْتَضَرٌ } يحضره من كانت نوبته، فإذا كان يومها حضرت شربها، وإذا كان يومهم حضروا شربهم، وحضر واحتضر بمعنى واحد، قال مجاهد: يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة، فإذا جاءت الناقة حضروا اللبن. { فَنَادَوْاْ صَـٰحِبَهُمْ } ، وهو قدار بن سالف، { فَتَعَاطَىٰ } ، فتناول الناقة بسيفه { فَعَقَرَ } ، أي فعقرها. { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } ، ثم بين عذابهم. فقال: { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَٰحِدَةً } ، قال عطاء: يريد صيحة جبريل عليه السلام، { فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } ، قال ابن عباس: هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة من الشجر والشوك دون السباع، فما سقط من ذلك فداسته الغنم فهو الهشيم. وقال ابن زيد: هو الشجر البالي الذي تهشم حتى ذرَته الريح، والمعنى: أنهم صاروا كيبس الشجر إذا تحطم، والعرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً. وقال قتادة: كالعظام النخرة المحترقة. وقال سعيد بن جبير: هو التراب الذي يتناثر من الحائط.