الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } * { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } * { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } * { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } * { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ }

{ مُّهْطِعِينَ } ، مسرعين مقبلين، { إِلَى ٱلدَّاعِ } ، إلى صوت إسرافيل، { يَقُولُ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } ، يوم صعب شديد. قوله عزّ وجلّ: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } ، أي: قبل أهل مكة، { قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } ، نوحاً، { وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ } ، أي: زجروه عن دعوته ومقالته بالشتم والوعيد، وقالوا:لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُرْجُومِينَ } [الشعراء:116]، وقال مجاهد معنى: ازدجر أي: استطير جنوناً. { فَدَعَا } ، نوح، { رَبَّهُ } ، وقال، { أَنُّى مَغْلُوبٌ } ، مقهور، { فَٱنتَصِرْ } ، فانتقم لي منهم. { فَفَتَحْنَآ أَبْوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٍ مُّنْهَمِرٍ } ، مُنْصَبّ انصباباً شديداً، لم ينقطع أربعين يوماً، وقال يمان: قد طبق ما بين السماء والأرض. { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلْمَآءُ } ، يعني ماء السماء وماء الأرض، وإنما قال: " فالتقى الماء " والالتقاء لا يكون من واحد، إنما يكون بين اثنين فصاعداً، لأن الماء يكون جمعاً وواحداً، وقرأ عاصم الجحدري: فالتقى الماآن. { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } ، أي: قضى عليهم في أم الكتاب. وقال مقاتل: قدر الله أن يكون الماآن سواء فكانا على ما قدر. { وَحَمَلْنَاهُ } ، يعني: نوحاً، { عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَٰحٍ وَدُسُرٍ } ، أي سفينة ذات ألواح، ذكر النعت وترك الاسم، أراد بالألواح خشب السفينة العريضة، { ودُسُر } أي: المسامير التي تشد بها الألواح، واحدها دِسَارٌ ودسيرٌ، يقال: دسرت السفينة إذا شددتها بالمسامير. وقال الحسن: الدُّسر صدر السفينة سميت بذلك لأنها تدسر الماء بجؤجؤها، أي تدفع. وقال مجاهد: هي عوارض السفينة. وقيل: أضلاعها وقال الضحاك: الألواح جانباها، والدسر أصلها وطرفاها.