الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } * { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ } * { فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ } * { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } * { قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ } * { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ }

{ فَمَنَّ ٱللهُ عَلَيْنَا } ، بالمغفرة، { وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } ، قال الكلبي: عذاب النار. وقال الحسن: " السَّموم " اسم من أسماء جهنم. { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ } ، في الدنيا، { نَدْعُوهُ } ، نخلص له العبادة، { إِنَّهُ } ، قرأ أهل المدينة [والكسائي]: " أنه " بفتح الألف، أي: لأنه أو بأنه، وقرأ الآخرون بالكسر على الاستئناف، { هُوَ ٱلْبَرُّ } ، قال ابن عباس: اللطيف. وقال الضحاك: الصادق فيما وعد { ٱلرَّحِيم }. { فَذَكِّرْ } ، يا محمد بالقرآن أهل مكة، { فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ } ، برحمته وعصمته، { بِكَـٰهِنٍ } ، تبتدع القول وتخبر بما في غد من غير وحي، { وَلاَ مَجْنُونٍ } ، نزلت في الذين اقتسموا عِقَابَ مكة يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكهانة والسحر والجنون والشعر. { أَمْ يَقُولُونَ } ، بل يقولون، يعني: هؤلاء المقتسمين الخراصين، { شَاعِرٌ } ، أي: هو شاعر، { نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } ، حوادث الدهر وصروفه فيموت ويهلك كما هلك مَنْ قبله من الشعراء، و يتفرق أصحابه وأن أباه مات شاباً ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه، و " المنون " يكون بمعنى الدهر، ويكون بمعنى الموت، سُمِّيَا بذلك لأنهما يقطعان الأجل. { قُلْ تَرَبَّصُواْ } ، انتظروا بي الموت، { فَإِنِّى مَعَكُم مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ } ، من المنتظرين حتى يأتي أمر الله فيكم، فعُذِّبوا يوم بدر السيف. { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـٰمُهُمْ } ، عقولهم، { بِهَـٰذَآ } ، وذلك أن عظماء قريش كانوا يُوصَفُون بالأحلام والعقول، فأزرَى الله بعقولهم حين لم تتميز لهم معرفة الحق من الباطل، { أَمْ هُمْ } ، بل هم، { قَوْمٌ طَاغُونَ }.