الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } * { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } * { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ }

{ وَفِى مُوسَىٰ } ، أي: وتركنا في إرسال موسى آية وعبرة. وقيل: هو معطوف على قوله: { وَفِى ٱلأَرْضِ ءَايَـٰتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } ، وفي موسى، { إِذْ أَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } ، بحجة ظاهرة. { فَتَوَلَّىٰ } ، فأعرض وأدبر عن الإِيمان، { بِرُكْنِهِ } ، أي بجمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم، كالركن الذي يقوى به البنيان، نظيره:أَوْ آوِىۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [هود:80]، { وَقَالَ سَـٰحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } ، قال أبو عبيدة: " أو " ، بمعنى الواو. { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمِّ } ، أغرقناهم فيه، { وَهُوَ مُلِيمٌ } ، أي: آت بما يلام عليه من دعوى الربوبية وتكذيب الرسول. { وَفِى عَادٍ } ، أي: في إهلاك عاد أيضاً آية، { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } ، وهي التي لا خير فيها ولا بركة ولا تلقح شجراً ولا تحمل مطراً. { مَا تَذَرُ مِن شَىْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ } ، من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم، { إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَـٱلرَّمِيمِ } ، كالشيء الهالك البالي، وهو نبات الأرض إذا يبسَ ودِيسَ. قال مجاهد: كالتبن اليابس. قال قتادة: كرميم الشجر. قال أبو العالية: كالتراب المدقوق. وقيل: أصله من العظم البالي. { وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } يعني وقت فناء آجالهم وذلك أنهم لما عقروا الناقة قيل لهم: تمتعوا ثلاثة أيام. { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } ، بعد مضي الأيام الثلاثة، وهي الموت في قول ابن عباس، قال مقاتل: يعني العذاب، و { ٱلصَّاعِقَةُ }: كل عذاب مهلك، وقرأ الكسائي: " الصعقة " ، وهي الصوت الذي يكون من الصاعقة، { وَهُمْ يَنظُرُونَ } ، يرون ذلك عياناً. { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مِن قِيَامٍ } ، فما قاموا بعد نزول العذاب بهم ولا قدروا على نهوض. قال قتادة: لم ينهضوا من تلك الصرعة، { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } ، ممتنعين منّا. قال قتادة: ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من الله.