الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } * { وَحَسِبُوۤاْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { قُلْ يَـٰۤأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَىْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ } أي: تقيموا أحكامهما وما يجب عليكم فيهما، { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَـٰناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ } ، فلا تحزن، { عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ }. { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِئُونَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ } ، وكان حقه: { وَٱلصَّابِئِينَ } ، وقد ذكرنا في سورة البقرة وجه ارتفاعه، وقال سيبويه: فيه تقديم وتأخير وتقديره: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن بالله إلى آخر الآية، والصابئون كذلك، قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } ، أي: باللسان، وقوله: { مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ } ، أي: بالقلب، وقيل: الذين آمنوا على حقيقة الإيمان { مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ } ، أي: ثبتَ على الإيمان، { وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ وعَمِلَ صَـٰلِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }. قوله تعالى: { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ } في التوحيد والنبوّة، { وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ } ، عيسى ومحمّداً صلوات الله وسلامه عليهما، { وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } ، يحيى وزكريا. { وَحَسِبُوۤاْ } ، ظنوا، { أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ } ، أي: عذاب وقتل، وقيل: ابتلاء واختبار، أي: ظنّوا أن لا يُبتلوا ولا يُعذّبهم الله، قرأ أهل البصرة وحمزة والكسائي { تكون } برفع النون على معنى أنها لا تكون، ونصبها الآخرون كما لو لم تكن قبله لا، { فَعَمُواْ } ، عن الحق فلم يبصروه، { وَصَمُّواْ } ، عنه فلم يسمعوه، يعني: عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه، { ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } ، ببعث عيسى عليه السلام، { ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ } ، بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }.