الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأَرْضِ فَسَاداً } ، الآية. قال الضحاك: نزلت في قوم من أهل الكتاب كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فنقضوا العهد وقطعوا السبيل وأفسدوا في الأرض. وقال الكلبي: نزلت في قوم هلال بن عويمر، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وَادع هلال بن عويمر وهو أبو بردة الأسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن مرّ بهلال بن عويمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو آمن لا يهاج، فمرّ قوم من بني كنانة يريدون الإسلام بناس من أسلم من قوم هلال بن عويمر، ولم يكن هلال شاهداً [فشدوا] عليهم فقتلوهم وأخذوا أموالهم فنزل جبريل عليه السلام بالقضاء فيهم، وقال سعيد بن جبير: نزلت في ناس من عُرَيْنَةَ وعُكْلٍ أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وبايعوه على الإسلام وهم كذبة فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى إبل الصدقة، فارتدوا وقتلوا الراعي واستاقوا الإبل. [أخبرنا عبدالواحد المليحي أنا أحمد بن عبدالله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عليّ بن عبدالله ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو قلابة الجرمي] عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم نفر من عُكْل فأسلموا واجتووا المدينة فأمرهم [النبي صلى الله عليه وسلم] أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحوا فارتدوا وقتلوا رعاتها واستاقوا الإبل، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسَمَلَ أعينهم ثم لم يحسمهم حتى ماتوا. ورواه أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: فقطع أيديهم وأرجلهم ثم أمر بمسامير فكحلهم بها وطرحهم بالحرة يستسقون فما يسقون حتى ماتوا، قال أبو قلابة: قتلوا وسرقوا وحاربوا اللَّهَ ورسولَه وسعَوا في الأرض فساداً.[وهو المراد من قوله تعالى: { ويسعون في الأرض فساداً } ]. واختلفوا في حكم هؤلاء العرنيين، فقال بعضهم: هي منسوخة لأن المثلة لا تجوز، وقال بعضهم: حكمه ثابت إلا السمل [والمثلة]، وروى قتادة عن ابن سيرين أن ذلك كان قبل أن [ينزل الحدّ] وقال أبو الزناد: فلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بهم أنزل الله الحدود ونهاه عن المثلة فلم يعد. وعن قتادة قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كان يحثّ على الصدقة وينهى عن المثلة. وقال سليمان التيمي عن أنس: إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة. وقال الليث بن سعد: نزلت هذه الآية معاتبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليماً منه إياه عقوبتهم، وقال: إنما جزاؤهم هذا لاَ المثلة، ولذلك ما قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً إلا نهى عن المثلة.

السابقالتالي
2