الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } * { يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله عزّ وجلّ: { يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ } ، يريد: يا أهل الكتابين، { قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } ، أي: من التوراة والإنجيل مثل صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم وغير ذلك، { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } ، أي: يعرض عن كثير مما أخفيتم ولا يتعرّض له ولا يؤاخذكم به، { قَدْ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ } ، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم، وقيل: الإسلام، { وَكِتَـٰبٌ مُّبِينٌ } ، أي: بيّن، وقيل: مبين وهو القرآن. { يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ } ، رضاه، { سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ } ، قيل: السلام هو الله عزّ وجلّ، وسبيله دينه الذي شرع لعباده، وبعث به رسله، وقيل: السلام هو السلامة، كاللذاذ واللذاذة بمعنى واحد، والمراد به طرق السلامة، { وَيُخْرِجُهُم مِّنِ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ } ، أي: من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، { بِإِذْنِهِ } ، بتوفيقه وهدايته، { وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ، وهو الإسلام. قوله عزّ وجلّ: { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } ، وهم اليعقوبية من النصارى يقولون المسيح هو الله تعالىٰ، { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } ، أي: من يقدر أن يدفع من أمر الله شيئاً إذا قضاه؟ { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }.