الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } * { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

{ لَّقَدْ رَضِيَ ٱللهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ } ، بالحديبية على أن يناجزوا قريشاً ولا يفروا، { تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } ، وكانت سمرة قال سعيد ابن المسيب: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة، فقال: أين كانت؟ فجعل بعضهم يقول: هاهنا وبعضهم: هاهنا، فلما كثر اختلافهم قال: سيروا، قد ذهبت الشجرة. أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان " قال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: «أنتم خير أهل الأرض» " ، وكنا ألفاً وأربع مائة، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة. أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم بن الحجاج، حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا حجاج، عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً يسأل: كم كانوا يوم الحديبية؟ قال: كنّا أربع عشرة مائة فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري أختبأ تحت بطن بعيره. وروى سالم عن جابر قال: كنا خمس عشرة مائة. وقال عبد الله بن أبي أوفى: كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلثمائة، وكانت أسلم ثُمْنَ المهاجرين،. وكان سبب هذه البيعة - على ما ذكره محمد بن إسحاق عن أهل العلم - " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أبي أمية الخزاعي حين نزل الحديبية، فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على جمل له، يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له، فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعته الأحابيش، فخلَّوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة، فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحدٌ يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إيّاها وغلظتي عليها، ولكن أدلك على رجل هو أعزّ بها منّي: عثمان بن عفان، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لِحرب، وإنما جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته، فخرج عثمان إلى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة، أو قبل أن يدخلها، فنزل عن دابته وحمله بين يديه، ثم أردفه وأجاره حتى بلَّغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عظماء قريش لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنْ شئتَ أنْ تطوفَ بالبيت فطفْ به، قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نبرح حتى نناجز القوم»، ودعا الناس إلى البيعة، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7