الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَنْصُرُواْ ٱللهَ } ، أي دينه ورسوله، { يَنصُرْكُمْ } ، على عدوكم، { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ، عند القتال. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ } ، قال ابن عباس: بُعداً لهم. وقال أبو العالية: سقوطاً لهم. وقال الضحاك: خيبةً لهم. وقال ابن زيد: شقاءً لهم. قال الفراء: هو نصبٌ على المصدر، على سبيل الدعاء. وقيل: في الدنيا العثرة، وفي الآخرة التردي في النار. ويقال للعاثر: تعساً إذا لم يريدوا قيامه، وضده لعاً إذا أرادوا قيامه، { وَأَضَلَّ أَعْمَـٰلَهُمْ } ، لأنها كانت في طاعة الشيطان. { ذَلِكَ } التعس والإضلال، { بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَـٰلَهُمْ }. ثم خوّف الكفار فقال: { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللهُ عَلَيْهِمْ } ، أي أهلكهم، { وَلِلْكَـٰفِرِينَ أَمْثَـٰلُهَا } ، إن لم يؤمنوا، يتوعد مشركي مكة. { ذَلِكَ } ، الذي ذكرت، { بِأَنَّ ٱللهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } ، وليهم وناصرهم، { وَأَنَّ ٱلْكَـٰفِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } ، لا ناصر لهم. ثم ذكر مآل الفريقين فقال: { إِنَّ ٱللهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنهَـٰرُ وَٰلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ } ، في الدنيا، { وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَـٰمُ } ، ليس لهم همة إلاّ بطونهم وفروجهم، وهم لا هون ساهون عمّا في غد، قيل: المؤمن في الدنيا يتزود والمنافق يتزين، والكافر يتمتع، { وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }.