{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، من اليهود، { لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ } ، دين محمد صلى الله عليه وسلم، { خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } ، يعني عبد الله بن سلام وأصحابه. وقال قتادة: نزلت في مشركي مكة، قالوا: لو كان ما يدعونا إليه محمد خيراً ما سبقنا إليه فلان وفلان. وقال الكلبي: الذين كفروا: أسد وغطفان، قالوا للذين آمنوا يعني: جهينة ومزينة: لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم. قال الله تعالى: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } ، يعني بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان { فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } ، كما قالوا أساطير الأولين. { وَمِن قَبْلِهِ } أي ومن قبل القرآن، { كِتَـٰبُ مُوسَىٰ } ، يعني التوراة، { إِمَاماً } ، يقتدى به، { وَرَحْمَةً } ، من الله لمن آمن به، ونُصِبَا على الحال عن الكسائي، وقال أبو عبيدة: فيه إضمار، أي جعلناه إماماً ورحمة، وفي الكلام محذوف، تقديره: وتقدمه كتاب موسى إماماً ولم يهتدوا به، كما قال في الآية الأولى: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ }. { وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ مُّصَدِّقٌ } ، أي القرآن مصدق للكتب التي قبله، { لِّسَاناً عَرَبِيّاً } ، نصب على الحال، وقيل بلسان عربي، { لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، يعني مشركي مكة، قرأ أهل الحجاز والشام ويعقوب: " لتنذر " بالتاء على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ الآخرون بالياء يعني الكتاب، { وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } ، " وبشرى " في محل الرفع، أي هذا كتاب مصدق وبشرى. { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }. قوله عزّ وجلّ: { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً }. قرأ أهل الكوفة: " إحساناً " كقوله تعالى:{ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا } [البقرة: 83]، { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } ، يريد شدة الطلق، قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو " كَرْهاً " بفتح الكاف فيهما، وقرأ الآخرون بضمهما. { وَحَمْلُهُ وَفِصَـٰلُهُ } ، فطامه، وقرأ يعقوب: " وفصله " بغير ألف، { ثَلاَثُونَ شَهْراً } ، يريد أقل مدة الحمل، وهي ستة أشهر، وأكثر مدة الرضاع أربعة وعشرون شهراً. وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إذا حملت المرأة تسعة أشهر أرضعت إحدى وعشرين شهراً، وإذا حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهراً: { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } ، نهاية قوته، وغاية شبابه واستوائه، وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى أربعين سنة، فذلك قوله: { وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً }. وقال السدي والضحاك: نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد مضت القصة. وقال الآخرون: نزلت في أبي بكر الصديق وأبيه أبي قحافة عثمان بن عمرو، وأمه أم الخير بنت صخر بن عمرو. قال علي بن أبي طالب: الآية نزلت في أبي بكر، أسلم أبواه جميعاً ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أبواه غيره، أوصاه الله بهما، ولزم ذلك من بعده.