الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } * { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، من اليهود، { لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ } ، دين محمد صلى الله عليه وسلم، { خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } ، يعني عبد الله بن سلام وأصحابه. وقال قتادة: نزلت في مشركي مكة، قالوا: لو كان ما يدعونا إليه محمد خيراً ما سبقنا إليه فلان وفلان. وقال الكلبي: الذين كفروا: أسد وغطفان، قالوا للذين آمنوا يعني: جهينة ومزينة: لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم. قال الله تعالى: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } ، يعني بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان { فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } ، كما قالوا أساطير الأولين. { وَمِن قَبْلِهِ } أي ومن قبل القرآن، { كِتَـٰبُ مُوسَىٰ } ، يعني التوراة، { إِمَاماً } ، يقتدى به، { وَرَحْمَةً } ، من الله لمن آمن به، ونُصِبَا على الحال عن الكسائي، وقال أبو عبيدة: فيه إضمار، أي جعلناه إماماً ورحمة، وفي الكلام محذوف، تقديره: وتقدمه كتاب موسى إماماً ولم يهتدوا به، كما قال في الآية الأولى: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ }. { وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ مُّصَدِّقٌ } ، أي القرآن مصدق للكتب التي قبله، { لِّسَاناً عَرَبِيّاً } ، نصب على الحال، وقيل بلسان عربي، { لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، يعني مشركي مكة، قرأ أهل الحجاز والشام ويعقوب: " لتنذر " بالتاء على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ الآخرون بالياء يعني الكتاب، { وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } ، " وبشرى " في محل الرفع، أي هذا كتاب مصدق وبشرى. { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }. قوله عزّ وجلّ: { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً }. قرأ أهل الكوفة: " إحساناً " كقوله تعالى:وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا } [البقرة: 83]، { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } ، يريد شدة الطلق، قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو " كَرْهاً " بفتح الكاف فيهما، وقرأ الآخرون بضمهما. { وَحَمْلُهُ وَفِصَـٰلُهُ } ، فطامه، وقرأ يعقوب: " وفصله " بغير ألف، { ثَلاَثُونَ شَهْراً } ، يريد أقل مدة الحمل، وهي ستة أشهر، وأكثر مدة الرضاع أربعة وعشرون شهراً. وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إذا حملت المرأة تسعة أشهر أرضعت إحدى وعشرين شهراً، وإذا حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهراً: { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } ، نهاية قوته، وغاية شبابه واستوائه، وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى أربعين سنة، فذلك قوله: { وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً }. وقال السدي والضحاك: نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد مضت القصة. وقال الآخرون: نزلت في أبي بكر الصديق وأبيه أبي قحافة عثمان بن عمرو، وأمه أم الخير بنت صخر بن عمرو. قال علي بن أبي طالب: الآية نزلت في أبي بكر، أسلم أبواه جميعاً ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أبواه غيره، أوصاه الله بهما، ولزم ذلك من بعده.

السابقالتالي
2 3