الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } * { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } * { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ }

{ كَـٱلْمُهْلِ } ، هو درديُّ الزيت الأسود، { يَغْلِى فِى ٱلْبُطُونِ } ، قرأ ابن كثير وحفص " يغلي " بالياء، جَعَلوا الفعل للمهل، وقرأ الآخرون بالتاء لتأنيث الشجرة، { فِى ٱلْبُطُونِ } ، أي بطون الكفار، { كَغَلْىِ ٱلْحَمِيمِ } ، كالماء الحار إذا اشتد غليانه. أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أبو بكر العبدوسي، أخبرنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد، حدثنا سليمان بن يوسف، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيها الناس اتقوا الله حقَّ تقاته، فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الأرض لأمرَّتْ على أهل الدنيا معيشتهم، فكيف بمن تكون طعامه وليس لهم طعام غيره ". قوله تعالى: { خُذُوه } ، أي يقال للزبانية: خذوه، يعني الأثيم، { فَٱعْتِلُوهُ } ، قرأ أهل الكوفة، وأبو جعفر وأبو عمرو: بكسر التاء، وقرأ الباقون بضمها، وهما لغتان، أي ادفعوه وسوقوه، يقال: عتلَه يعتِله عَتْلاً، إذا ساقه بالعنف والدفع والجذب، { إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } ، وسطه. { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ } ، قال مقاتل: إن خازن النار يضربه على رأسه فينقب رأسه عن دماغه، ثم يصب فيه ماءً حميماً قد انتهى حره. ثم يقال له: { ذُقْ } ، هذا العذاب، { إنّك } ، قرأ الكسائي " أنك " بفتح الألف، أي لأنك كنت تقول: أنا العزيز، وقرأ الآخرون بكسرها على الابتداء، { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } ، عند قومك بزعمك، وذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم، فيقول له هذا خزنةُ النار، على طريق الاستحقار والتوبيخ. { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } ، تشكُّون فيه ولا تؤمنون به ثم ذكر مستقر المتقين، فقال: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ أَمِينٍ } ، قرأ أهل المدينة والشام: " فِى مُقام " بضم الميم على المصدر، أي في إقامة، وقرأ الآخرون بفتح الميم، أي في مجلس أمين، أمنوا فيه من الغير، أي من الموت ومن الخروج منه.