الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } * { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } * { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }

{ لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقِّ } ، يقول أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا بالحق، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ }. { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ } ، أم أحكموا، { أَمْراً } ، في المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } ، محكمون أمراً في مجازاتهم، قال مجاهد: إن كادُوا شراً كدتهم مثله. { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ونَجْوَاهُم } ، ما يسرونه من غيرهم ويتناجون به بينهم، { بَلَىٰ } ، نسمع ذلك ونعلم، { وَرُسُلُنَا } ، أيضاً من الملائكة يعني الحفظة، { لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ }. { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ } ، يعني إن كان للرحمن ولد في قولكم وعلى زعمكم، فأنا أول من عبده فإنه واحد لا شريك له ولا ولد. وروي عن ابن عباس: { إِنْ كَانَ } أي ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين الشاهدين له بذلك، جعل: " إنْ " بمعنى الجحد. وقال السدي: معناه لو كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده بذلك، ولكن لا ولد له. وقيل: " العابدين " بمعنى الآنفين، أي أنا أول الجاحدين والمنكرين لما قلتم. ويقال: معناه: أنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد، يقال: عبد يعبد إذا أنف وغضب. وقال قوم: قلّ ما يُقال: عَبَدَ فهو عابد، إنما يقال: فهو عَبْدٌ. ثم نزه نفسه فقال: { سُبْحَـٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } عما يقولون من الكذب. { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ } ، في باطلهم، { وَيَلْعَبُواْ } ، في دنياهم، { حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ } ، يعني يوم القيامة.