الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } * { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } * { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } * { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ } * { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } * { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } * { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـئايَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّى رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * فَلَمَّا جَآءَهُم بِـئَايَـٰتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } استهزاء. { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ ءَايَةٍ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } ، قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها، { وَأَخَذْنَـٰهُم بِٱلْعَذَابِ } ، بالسنين والطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم والطمس، فكانت هذه دلالاتٍ لموسى، وعذاباً لهم، فكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ، عن كفرهم. { وَقَالُواْ } ، لموسى لمّا عاينوا العذاب، { يٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ } ، يا أيها العالم الكامل الحاذق، وإنما قالوا هذا توقيراً وتعظيماً له، لأن السحر عندهم كان علماً عظيماً وصفةً ممدوحة، وقيل: معناه يا أيها الذي غلبنا بسحره. وقال الزجاج: خاطبوه به لما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر. { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } ، أي بما أخبرتنا من عهده إليك إن آمنا كشف عنا العذاب فاسأله يكشف عنا العذاب، { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } ، مؤمنون، فدعى موسى فكشف عنهم فلم يؤمنوا، فذلك قوله عزّ وجلّ: { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } ، ينقضون عهدهم ويصرون على كفرهم. { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَـٰرُ } ، أنهار النيل، { تَجْرِى مِن تَحْتِىۤ } ، من تحت قصوري، وقال قتادة: تجري بين يدي في جناني وبساتيني. وقال الحسن: بأمري. { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } ، عظمتي وشدة ملكي. { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ } ، بل أنا خير، " أم " بمعنى " بل " وليس بحرف عطف على قول أكثر المفسرين، وقال الفراء: الوقف على قوله: " أم " ، وفيه إضمار، مجازه: أفلا تبصرون أم تبصرون، ثم ابتدأ فقال: أنا خير، { مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى هُوَ مَهِينٌ } ، ضعيف حقير يعني موسى، قوله: { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } يفصح بكلامه للثغته التي في لسانه. { فَلَوْلآ أُلْقِىَ عَلَيْهِ } ، إن كان صادقاً، { أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ } ، قرأ حفص ويعقوب " أسورة " جمع سوار، وقرأ الآخرون " أساورة " على جمع الأسورة، وهي جمع الجمع. قال مجاهد: كانوا إذا سوّدوا رجلاً سوّروه بسوار وطوقوه بطوق من ذهب يكون ذلك دلالة لسيادته، فقال فرعون: هلا ألقى ربُّ موسى عليه أسورة من ذهب إن كان سيداً تجب علينا طاعته. { أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } ، متتابعين يقارن بعضهم بعضاً يشهدون له بصدقه ويعينونه على أمره. قال الله تعالى: { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ } ، أي استخف فرعون قومه القبط، أي وجدهم جهالاً، وقيل: حملهم على الخفة والجهل. يقال استخفه عن رأيه، إذا حمله على الجهل وأزاله عن الصواب، { فَأَطَاعُوهُ } ، على تكذيب موسى، { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ }. { فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا } ، أغضبونا، { ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَـٰهُمْ سَلَفاً } ، قرأ حمزة والكسائي " سُلُفا " بضم السين واللام، قال الفراء: هو جمع سليف من سلف بضم اللام يسلف، أي تقدم، وقرأ الآخرون بفتح السين واللام على جمع السالف، مثل حارس وحرس وخادم وخدم، وراصد ورصد، وهما جميعاً الماضُون المتقدمون من الأمم، يقال: سلف يسلف، إذا تقدم والسلف من تقدم من الآباء، فجعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون.

السابقالتالي
2 3