الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } * { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } * { قَٰلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } * { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } * { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } * { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } * { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } * { وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ }

{ بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } ، على دين وملة، قال مجاهد: على إمام. { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِم مُّهْتَدُونَ } ، جعلوا أنفسهم باتباع آبائهم مهتدين. { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ } ، أغنياؤها ورؤساؤها، { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِم مُّقْتَدُونَ } ، بهم. { قُلْ } ، قرأ ابن عامر وحفص: " قال " على الخبر، وقرأ الآخرون " قل " على الأمر، { أَوَلَوْ جئْتُكُم } ، قرأ أبو جعفر: " جئناكم " على الجمع، والآخرون " جئتكم " على الواحد، { بِأَهْدَىٰ } ، بدين أصوب، { مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَآءَكُمْ } ، قال الزجاج: قل لهم يا محمد أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم وإن جئتكم بأهدى منه؟ فأبوا أن يقبلوا و { قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ }. { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ }. قوله عزّ وجلّ: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَآءٌ } ، أي بريء، ولا يثنى " البراء " ولا يجمع ولا يُؤنث لأنه مصدر وضع موضع النعت. { مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱلَّذِى فَطَرَنِى } ، خلقني { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } يرشدني لدينه. { وَجَعَلَهَا } ، يعني هذه الكلمة، { كَلِمَةً بَـٰقِيَةً فِى عَقِبِهِ } ، قال مجاهد وقتادة: يعني كلمة التوحيد، وهي " لا إله إلا الله " كلمة باقية في عقبه في ذريته. قال قتادة: لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده. وقال القرظي: يعني: وجعل وصية إبراهيم التي أوصى بها بنيه باقية في نسله وذريته، وهو قوله عزّ وجلّ:وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَٰهِيمُ بَنِيهِ } [البقرة: 132]. وقال ابن زيد: يعني قوله:أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [البقرة: 131]، وقرأ:هُوَ سَمَّـٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ } [الحج: 78]. { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ، لعل أهل مكة يتبعون هذا الدين ويرجعون عما هم عليه إلى دين إبراهيم، وقال السدي: لعلهم يتوبون ويرجعون إلى طاعة الله عزّ وجلّ. { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَءَابَآءَهُمْ } ، يعني: المشركين في الدنيا، ولم أعاجلهم بالعقوبة على الكفر، { حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } ، يعني القرآن، وقال الضحاك: الإسلام. { وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } ، يبين لهم الأحكام وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من حق هذا الإنعام أن يطيعوه، فلم يفعلوا، وعصوا. وهو قوله عز وجل: { وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } ، يعني القرآن، { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَـٰفِرُونَ * وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ، يعنون الوليد بن المغيرة من مكة، وعروة بن مسعود الثقفي بالطائف، قاله قتادة. وقال مجاهد: عتبة بن ربيعة من مكة، وابن عبد ياليل الثقفي من الطائف. وقيل: الوليد بن المغيرة من مكة، ومن الطائف: حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي. ويُروى هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. قال الله تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ } ، يعني النبوة، قال مقاتل: يقول: بأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاؤوا؟ ثم قال: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، فجعلنا هذا غنياً وهذا فقيراً وهذا مالكاً وهذا مملوكاً، فكما فضلنا بعضهم على بعض في الرزق كما شئنا، كذلك اصطفينا بالرسالة من شئنا.

السابقالتالي
2