الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } * { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ }

{ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } ، قرأ أهل الكوفة، وأبو عمرو { عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ } بالباء والألف بعدها ورفع الدال كقوله تعالى:بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26]، وقرأ الآخرون: " عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ " بالنون ونصب الدال على الظرف، وتصديقه قوله عزّ وجلّ:إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } [الأعراف: 206] الآية: { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ } ، قرأ أهل المدينة على ما لم يسم فاعله، وليّن الهمزة الثانية بعد همزة الاستفهام، أي أحضَرُوا خلقهم، وقرأ الآخرون بفتح الشين أي أحضَرُوا خلقهم حين خُلقوا، وهذا كقوله:أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلَـٰئِكَةَ إِنَـٰثاً وَهُم شَاهِدُون } [الصافات: 150]، { سَتُكْتَبُ شَهَـٰدَتُهُمْ } ، على الملائكة أنهم بنات الله، { وَيُسْـئَلُونَ } ، عنها. قال الكلبي ومقاتل: " لما قالوا هذا القول سألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ما يدريكم أنهم إناث؟ قالوا: سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا، فقال الله تعالى: { سَتُكْتَبُ شَهَـٰدَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ } ، عنها في الآخرة ". { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَـٰهُمْ } ، يعني الملائكة، قاله قتادة ومقاتل والكلبي، قال مجاهد: يعني الأوثان، وإنما لم يعجل عقوبتنا على عبادتنا إياها لرضاه منا بعبادتها. قال الله تعالى: { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ } ، فيما يقولون { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } ما هم إلاّ كاذبون في قولهم: إن الله تعالى رضي منّا بعبادتها، وقيل: إن هم إلاّ يخرصون في قولهم: إن الملائكة إناث وإنهم بنات الله. { أَمْ ءَاتَيْنَـٰهُمْ كِتَـٰباً مِّن قَبْلِهِ } ، أي من قبل القرآن بأن يعبدوا غير الله، { فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ }.