الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } * { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } * { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ }

قوله تعالى: { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } ، أي نصيباً وبعضاً وهو قولهم: الملائكة بنات الله، ومعنى الجعل - هاهنا - الحكم بالشيء والقول، كما تقول: جعلت زيداً أفضل الناس، أي وصفته وحكمت به، { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ } ، يعني الكافر، { لَكفورٌ } ، جحود لنعم الله، { مُّبِينٌ } ، ظاهر الكفران. { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ } ، هذا استفهام توبيخ وإنكار، يقول: اتَّخذَ ربكم لنفسه البنات، { وَأَصْفَـٰكُم بِٱلْبَنِينَ } ، كقوله:أَفَأَصْفَـٰكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ } [الإسراء: 40]. { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً } ، بما جعل لله شبهاً، وذلك أن ولد كل شيء يشبهه، يعني إذا بُشّر أحدهم بالبنات كما ذكر في سورة النحل:وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ، ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } [النحل: 58]، من الحزن والغيظ. { أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ } ، قرأ حمزة والكسائي وحفص: " يُنَشَّأ " بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين، أي يُربّى، وقرأ الآخرون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين، أي ينبت ويكبر، { فِى ٱلْحِلْيَةِ } ، في الزينة يعني النساء، { وَهُوَ فِى ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } ، في المخاصمة غير مبين للحجة من ضعفهن وسفههن، قال قتادة: في هذه الآية: قلَّما تتكلم امرأة تريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها. وفي محل " مَنْ " ثلاثة أوجه: الرفع على الابتداء، والنصب على الإضمار، مجازه: أَوَ مَنْ ينشؤ في الحلية يجعلونه بنات الله، والخفض ردّاً على قوله: " مِمَّا يَخلق " ، وقوله: " بِمَا ضربَ ".