الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } * { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ }

{ لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلعَظِيمُ * تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } أي: كل واحدة منها تتفطر فوق التي تليها من قول المشركين: { ٱتَّخذ ٱللهُ وَلَداً } نظيره في سورة مريم:وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنهُ } [مريم: 88-90]. { وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلأَرْضِ } ، من المؤمنين، { أَلاَ إِنَّ ٱللهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }. { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } ، يحفظ أعمالهم ويحصيها عليهم ليجازيهم بها، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } ، لم يوكلك الله بهم حتى تؤخذ بهم. { وَكَذَلِكَ } ، مثل ما ذكرنا، { أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } ، مكة، يعني: أهلها، { وَمَنْ حَوْلَهَا } ، يعني قرى الأرض كلها، { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } ، أي: تنذرهم بيوم الجمع وهو يوم القيامة يجمع الله الأولين والآخرين وأهل السموات والأرضين، { لاَ رَيْبَ فِيهِ } ، لا شك في الجمع أنه كائن ثم بعد الجمع يتفرقون. { فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ }. أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، حدثنا أبو منصور الخشماذي، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا أبو عثمان سعيد بن عثمان التنوخي، حدثنا بشر بن بكر، حدثني سعيد بن عثمان عن أبي الزاهر، حدثنا جرير بن كريب عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال الثعلبي: وأخبرنا أبو عبدالله بن فنجويه الدينوري، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا ليث، حدثني أبو قبيل المعافري عن شفي الأصبحي عن عبدالله بن عمرو قال: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قابضاً على كفيه ومعه كتابان،. فقال: " أتدرون ما هذان الكتابان؟ " قلنا: لا يا رسول الله، فقال: " للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب، وقبل أن يستقروا نطفاً في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون فليس بزائد فيهم ولا ناقص منهم، إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة، [ثم قال للذي في يساره: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب، وقبل أن يستقروا نطفاً في الأرحام إذْ هم في الطينة منجدلون، فليس بزائد فيهم ولا بناقص منهم، إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة]، فقال عبد الله بن عمرو: ففيم العمل إذاً يا رسول الله؟ فقال: " اعملوا وسددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أيَّ عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أيّ عمل، ثم قال: { فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ } فضل من الله، { وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ } ، عدل من الله عزّ وجلّ ".