الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

قوله تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللهُ } ، يعني كفار مكة، يقول: أم لهم آلهة سنُّوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: شرعوا لهم ديناً غير دين الإِسلام. { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلفَصْلِ } ، لولا أن الله حكم في كلمة الفصل بين الخلق بتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة، حيث قال:بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [القمر: 46]، { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } ، لفُرغ من عذاب الذين يكذبونك في الدنيا، { وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، المشركين، { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، في الآخرة. { تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، المشركين يوم القيامة، { مُشْفِقِينَ } ، وجلين، { مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } ، جزاء كسبهم واقع بهم، { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فِى رَوْضَـٰتِ ٱلْجَنَّـٰتِ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ }. { ذَلِكَ ٱلَّذِى } ، ذكرت من نعيم الجنة، { يُبَشِّرُ ٱللهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } ، فإنهم أهله، { قُل لاَّ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ }. أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت طاووساً عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن قوله: { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } ، قال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: عجلتَ، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلاَّ كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة. وكذلك روى الشعبي وطاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } يعني أن تحفظوا قرابتي وتودوني وتصلوا رحمي. وإليه ذهب مجاهد، وقتادة، وعكرمة، ومقاتل، والسدي، والضحاك، رضي الله عنهم. وقال عكرمة: لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجراً إلاّ أن تحفظوني في قرابتي بيني وبينكم، وليس كما يقول الكذابون. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في معنى الآية: إلاّ أن تودُّوا الله وتتقربوا إليه بطاعته، وهذا قول الحسن، قال: هو القربى إلى الله، يقول: إلا التقرب إلى الله والتودد إليه بالطاعة والعمل الصالح. وقال بعضهم: معناه إلا أن تودّوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم، وهو قول سعيد بن جبير وعمرو بن شعيب. واختلفوا في قرابته قيل: هم فاطمة وعلي وأبناؤهما، وفيهم نزل:إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } [الأحزاب: 33]. وروينا عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2 3