الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } * { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ }

قوله عزّ وجلّ: { قُلْ أَءِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ } ، يوم الأحد والاثنين، { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }. { وَجَعَلَ فِيهَا } أي: في الأرض، { رَوَاسِىَ } جبالاً ثوابت، { مِن فَوْقِهَا } ، من فوق الأرض، { وَبَـٰرَكَ فِيهَا } ، أي: في الأرض، بما خلق فيها من البحار والأنهار والأشجار والثمار، { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا }. قال الحسن ومقاتل: قسم في الأرض أرزاق العباد والبهائم. وقال عكرمة والضحاك: قدّر في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرَى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد. قال الكلبي: قدر الخبز لأهل قطر، والتمر لأهل قطر، والذرة لأهل قطر، والسمك لأهلِ قطر، وكذلك أقواتها. { فِىۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } ، يريد خلق ما في الأرض، وقدر الأقوات في يومين يوم الثلاثاء والأربعاء فهما مع الأحد والاثنين أربعة أيام، رد الآخر على الأول في الذكر، كما تقول: تزوجت أمس امرأة واليوم ثنتين، وإحداهما هي التي تزوجتها بالأمس. { سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } قرأ أبو جعفر " سواءٌ " رفع على الابتداء، أي: هي سواء، وقرأ يعقوب بالجر على نعت قوله: { فِىۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } ، وقرأ الآخرون " سواءً " نصب على المصدر، أي: استوت سواء أي: استواءً، ومعناه: سواء للسائلين عن ذلك. قال قتادة والسدي: من سأل عنه فهكذا الأمر سواء لا زيادة ولا نقصان جواباً لمن سأل: في كم خلقت الأرض والأقوات؟ { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } ، أي: عمد إلى خلق السماء، { وَهِىَ دُخَانٌ } ، وكان ذلك الدخان بخار الماء، { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } ، أي: ائتِيا ما آمركما أي: افعلاه، كما يقال: ائت ما هو الأحسن أي: افعله. وقال طاووس عن ابن عباس: ائتيا: أعطيا، يعني أخرجا ما خلقت فيكما من المنافع لمصالح العباد. قال ابن عباس: قال الله عزّ وجلّ: أمّا أنتِ يا سماء فأطلعي شمسك وقمرك ونجومك، وأنت يا أرض فشقي أنهارك وأخرجي ثمارك ونباتك، وقال لهما: افعلا ما آمركما طوعاً وإلا ألجأتكما إلى ذلك حتى تفعلاه كرهاً فأجابتا بالطوع، و { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } ، ولم يقل طائعتين، لأنه ذهب به إلى السموات والأرض ومن فيهن، مجازه: أتينا بما فينا طائعين، فلما وصفهما بالقول أجراهما في الجمع مجرى من يعقل.