الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ } * { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } * { نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } * { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

{ ذَلِكَ } ، الذي ذكرت من العذاب الشديد، { جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللهِ } ، ثم بين ذلك الجزاء فقال: { ٱلنَّارُ } ، أي: هو النار، { لَهُمْ فِيهَا } ، أي: في النار، { دَارُ ٱلْخلدِ } ، دار الإقامة لا انتقال منها، { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ }. { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، أي: في النار يقولون. { رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلَّـٰنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } ، يعنون إبليس وقابيل بن آدم الذي قتل أخاه لأنهما سنّا المعصية، { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } ، في النار، { لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } ، ليكونا في الدرك الأسفل من النار. قال ابن عباس: ليكونا أشد عذاباً منّا. قوله عزّ وجلّ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } ، سئل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه عن الاستقامة فقال: أن لا تشرك بالله شيئاً. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " الاستقامة " أن تستقيم عل الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: أخلصوا العمل لله. وقال علي رضي الله عنه: أدَّوْا الفرائض. وقال ابن عباس: استقاموا على أداء الفرائض. وقال الحسن: استقاموا على أمر الله تعالى، فعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته. وقال مجاهد وعكرمة: استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله حتى لحقوا بالله. وقال مقاتل: استقاموا على المعرفة ولم يرتدوا. وقال قتادة: كان الحسن إذا تلا هذه الآية قال: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة. قوله عزّ وجلّ: { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } ، قال ابن عباس: عند الموت. وقال قتادة ومقاتل: إذا قاموا من قبورهم. قال وكيع بن الجراح: البشرى تكون في ثلاث مواطن: عند الموت وفي المقبر وعند البعث { أَلاَّ تَخَافُواْ } ، من الموت. وقال مجاهد: لا تخافوا على ما تقدمون عليه من أمر الآخرة. { وَلاَ تَحْزَنُواْ } ، على ما خلفتم من أهل وولد، فإنا نخلفكم في ذلك كله. وقال عطاء بن أبي رباح: لا تخافوا ولا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم، { وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ }. { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ } ، تقول لهم الملائكة الذين تتنزل عليهم بالبشارة: نحن أولياؤكم أنصاركم وأحباؤكم، { فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلأَخِرَةِ } ،أي: في الدنيا والآخرة. وقال السدي: تقول الملائكة نحن الحفظة الذين كنا معكم في الدنيا، ونحن أولياؤكم في الآخرة يقولون لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة. { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِىۤ أَنفُسُكُمْ } ، من الكرامات واللذات، { وَلَكُمْ فِيهَا } ، في الجنة { مَا تَدَّعُونَ } ، تتمنون. { نُزُلاً } ، رزقاً، { مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }. قوله عزّ وجلّ: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللهِ } ، إلى طاعته { وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } ، قال ابن سيرين والسدي وابن عباس: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى شهادة أن لا إله إلا الله.

السابقالتالي
2