الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } * { فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } * { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } * { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ } ، أهلككم، أي: ظنكم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون، أرداكم. قال ابن عباس: طرحكم في النار، { فَأَصْبَحْتُم مِّنَ ٱلُخَـٰسِرِينَ } ، ثم أخبر عن حالهم فقال: { فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } ، مسكن لهم، { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } ، يسترضوا ويطلبوا العتبى، { فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } ، المُرضين، والمعتَب الذي قُبل عتابُه وأجيب إلى ما سأل، يقال: أعتبني فلان، أي: أرضاني بعد إسخاطه إيّاي، واستعتبته: طلبت منه أن يعتب، أي: يرضى. { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ } ، أي: بعثنا ووكلنا، وقال مقاتل: هيأنا. وقال الزجاج: سبَّبْنا لهم. { قُرَنَآءَ } ، نُظراء من الشياطين حتى أضلوهم، { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } ، من أمر الدنيا حتى آثروه على الآخرة، { وَمَا خَلْفَهُمْ } ، من أمر الآخرة فدعوهم إلى التكذيب به وإنكار البعث، { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِىۤ أُمَمٍ } ، مع أمم، { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ }. { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، من مشركي قريش، { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءَانِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } ، قال ابن عباس: يعني الغطوا فيه، وكان بعضهم يُوصي إلى بعض إذا رأيتم محمداً يقرأ فعارضوه بالرجز والشعر واللغو. قال مجاهد: والغوا فيه بالمُكاء والصفير. وقال الضحاك: أكثروا الكلام فيختلط عليه ما يقول: وقال السدي: صيحوا في وجهه. { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } ، محمداً على قراءته. { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى } ، يعني بأسوأ الذي، أي: بأقبح الذي، { كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، في الدنيا وهو الشرك بالله.