الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } * { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ }

{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ فِى يَوْمَيْنِ } ، أي: أتمهن وفرغ من خلقهن، { وَأَوْحَىٰ فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } ، قال عطاء عن ابن عباس: خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار وجبال البَردَ وما لا يعلمه إلا الله. وقال قتادة والسدي: يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها. وقال مقاتل: وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي، وذلك يوم الخميس والجمعة. { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ } ، كواكب، { وَحِفْظاً } ، لها ونصب " حفظاً " على المصدر، أي: حفظناها بالكواكب حفظاً من الشياطين الذين يسترقون السمع، { ذَلِكَ } ، الذي ذكر من صنعه، { تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ } ، في ملكه، { ٱلْعَلِيمِ } ، بحفظه. قوله عزّ وجلّ: { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } ، يعني: هؤلاء المشركين عن الإِيمان بعد هذا البيان، { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ } ، خوّفتكم، { صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } ، أي: هلاكاً مثل هلاكهم، والصاعقة المهلكة من كل شيء. { إِذْ جَآءَتْهُمُ } يعني: عاداً وثموداً، { ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خلفِهمْ } ، أراد بقوله: { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم من قبلهم، { وَمِنْ خلفِهم } يعني: من بعد الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم الذين أرسلوا إليهم، هودٌ وصالح، فالكناية في قوله من بين أيديهم راجعة إلى عاد وثمود وفي قوله: { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } راجعة إلى الرسل، { أنْ لا } بأن لا، { تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا } ، بدل هؤلاء الرسل، { مَلَـٰئِكَةً } ، أي: لو شاء ربنا دعوة الخلق لأنزل ملائكة، { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ }. أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، حدثنا عبدالله بن حامد الأصفهاني، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي، أخبرنا أحمد بن مجدة بن العريان، حدثنا الحماني، حدثنا ابن فضيل، عن الأجلح، عن الذيال بن حرملة، عن جابر بن عبدالله قال: قال الملأ من قريش وأبو جهل: قد التبس علينا أمر محمد، فلو التمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر، فأتاه فكلّمه، ثم أتانا ببيانٍ من أمره، فقال عتبة ابن ربيعة: والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر، وعلمت من ذلك علماً، وما يخفى عليَّ إن كان كذلك أو لا، فأتاه فلما خرج إليه قال: يا محمد أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبدالمطلب؟ أنت خير أم عبدالله؟ فبم تشتم آلهتنا؟ وتُضلل آباءنا؟ فإن كنتَ تريد الرياسة عقدنا لك ألويتنا فكنت رأساً ما بقيت، وإن كان بك الباءة زوّجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش؟ وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغي أنت وعقبك من بعدك؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، فلما فرغ، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: { بسم الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } { حۤـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } ، إلى قوله { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } ، الآية.

السابقالتالي
2