الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ }

قوله عزّ وجلّ: { حۤـمۤ } ، قد سبق الكلام في حروف التهجي. قال السدي عن ابن عباس: حۤـمۤ اسم الله الأعظم. وروى عكرمة عنه قال: الۤر، وحۤـمۤ، ونون، حروف " الرحمن " مقطعة. وقال سعيد بن جبير وعطاء الخراساني: الحاء افتتاح أسمائه: حكيم حميد حي حليم حنان، والميم افتتاح أسمائه: ملك مجيد منان. وقال الضحاك والكسائي: معناه قضى ما هو كائن كأنهما أشارا إلى أن معناه: حُمّ، بضم الحاء وتشديد الميم، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر حۤمۤ بكسر الحاء، والباقون بفتحها. { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ * غَافِرِ ٱلذَّنبِ } ، ساتر الذنب، { وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } ، يعني التوبة، مصدر تاب يتوب توباً. وقيل: التوب جمع توبة مثل دومة ودَوم وحَومة وحَوم. قال ابن عباس: غافر الذنب لمن قال لا إله إلا الله، [وقابل التوب ممن قال لا إله إلا الله]. { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } ، لمن لا يقول لا إله إلا الله، { ذِى ٱلطَّوْلِ } ، ذي الغنى عمن لا يقول لا إله إلا الله. قال مجاهد: " ذي الطول ": ذي السعة والغنى. وقال الحسن: ذو الفضل. وقال قتادة: ذو النعم. وقيل: ذو القدرة. وأصل الطَّول الإِنعام الذي تطول مدته على صاحبه. { لآَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ }. { مَا يُجَـٰدِلُ فِىۤ ءَايَـٰتِ ٱللهِ } ، في دفع آيات الله بالتكذيب والإِنكار، { إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، قال أبو العالية: آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن: { مَا يُجَـٰدِلُ فِىۤ ءَايَـٰتِ ٱللهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ووَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ لَفِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ } [البقرة: 176]. أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن خالد، أخبرنا داود بن سليمان، أخبرنا عبد الله بن حميد، حدثنا الحسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن ليث، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ جدالاً في القرآن كفر ". أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً يتمارون في القرآن، فقال: " إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله عز وجل بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضاً، فلا تكذِّبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوه، وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه ". قوله تعالى: { فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى ٱلْبِلاَدِ } ، تصرفهم في البلاد للتجارات وسلامتهم فيها مع كفرهم، فإن عاقبة أمرهم العذاب، نظيره قوله عزّ وجلّ:لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى ٱلْبِلَـٰدِ } [آل عمران: 196].