الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } * { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } * { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } * { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ }

قال الله تعالى: { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ ٱللهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ } ، فيه متروك استغني عنه لدلالة الظاهر عليه، مجازه: فأُجيبوا أن لا سبيل إلى ذلك، وهذا العذاب والخلود في النار بأنكم إذا دعي الله وحده كفرتم، أي إذا قيل لا إله إلا الله [كفرتم]، وقلتم:أَجَعَلَ ٱلأَلِهَةَ إِلَـٰهاً وَٰحِداً } [ص: 5]، { وَإِن يُشْرَكْ بِهِ } ، غيره { تُؤْمِنُواْ } ، تصدقوا ذلك الشرك، { فَٱلْحُكْمُ للهِ ٱلْعَلِـىِّ ٱلْكَبِيرِ }. الذي لا أعلى منه ولا أكبر. { هُوَ ٱلَّذِى يُرِيكُمْ ءَايَـٰتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً } ، يعني: المطر الذي هو سبب الأرزاق، { وَمَا يَتَذَكَّرُ } ، وما يتعظ بهذه الآيات، { إِلاَّ مَن يُنِيبُ } ، يرجع إلى الله تعالى في جميع أموره. { فَٱدْعُواْ ٱللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } ، الطاعة والعبادة. { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ }. { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ } ، رافع درجات الأنبياء والأولياء في الجنة، { ذُو ٱلْعَرْشِ } ، خالقه ومالكه، { يُلْقِى ٱلرُّوحَ } ، ينزل الوحي، سماه روحاً لأنه تحيا به القلوب كما تحيا الأبدان بالأرواح، { مِنْ أَمْرِهِ } ، قال ابن عباس: من قضائه. وقيل: من قوله. وقال مقاتل: بأمره. { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ } ، أي: لينذر النبي بالوحي، { يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } ، وقرأ يعقوب بالتاء أي: لتنذر أنت يا محمد يوم التلاق، يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض. قال قتادة ومقاتل: يلتقي فيه الخلق والخالق. قال ابن زيد: يتلاقى العباد. وقال ميمون بن مهران: يلتقي الظالم والمظلوم والخصوم. وقيل: يلتقي العابدون والمعبودون. وقيل: يلتقي فيه المرء مع عمله. { يَوْمَ هُم بَـٰرِزُونَ } ، خارجون من قبورهم ظاهرون لا يسترهم شيء، { لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللهِ مِنْهُمْ } ، من أعمالهم وأحوالهم، { شَىْءٌ } ، يقول الله تعالى في ذلك اليوم بعد فناء الخلق، { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } ، فلا أحد يجيبه، فيجيب نفسه فيقول، { للهِ ٱلْوَٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ } ، الذي قهر الخلق بالموت.