الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }

قوله تعالى: { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ } ، التحية: هي دعاء الحياة، والمراد بالتحية هاهنا السلام، يقول: إذا سلّم عليكم مُسلِّم فأجيبُوا بأحسن منها أو رُدُّوها كما سلّم، فإذا قال: السلام عليكم، فقل: وعليكم السلامُ ورحمةُ الله، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله، فقل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردّ مثله، رُوي أنّ رجلاً سلّم على ابن عباس رضي الله عنهما، قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم زاد شيئاً، فقال ابن عباس: إنّ السلام ينتهي إلى البركة. ورُوي عن عمران بن حُصين: " أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فردّ عليه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ» ثمّ جاء آخرُ فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردّ عليه فجلس، فقال: «عشرُون» ثم جاء آخرُ فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردّ عليه، فقال: «ثلاثون» ". واعلمْ أنّ السلام سنة ورَدُّ السلام فريضة، وهو فرض على الكفاية، وكذلك السلام سنة على الكفاية فإذا سلّم واحدٌ من جماعة كان كافياً في السنة، وإذا سلّم واحدٌ على جماعة وردَّ واحدٌ منهم سقط الفرض عن جميعهم. أخبرنا الإِمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن مَحْمَش الزيادي أنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر أنا إبراهيم بن عبد الله بن بكير الكوفي أنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لا تَدْخُلُوا الجنَّةَ حتى تُؤمنُوا ولا تُؤمنُوا حتى تحابّوا، أوَلا أدلّكم على شيء إذا فعلتمُوه تحاببتم؟ أفشُوا السلام بينكم ". أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا قتيبة أنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو " أن رجلاً سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أيُّ الإِسلام خير؟ قال: «أنْ تُطعمَ الطعامَ وتقرأ السلامَ على منْ عرفتَ ومنْ لم تعرفْ» ". ومعنى قوله: أيُّ الإِسلام خير، يريد أيُّ خصال الإِسلام خير. وقيل: { فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ } ، معناه أي إذا كان الذي سلّم مسلماً، { أَوْ رُدُّوهَآ } بمثلها إذا لم يكن مسلماً. أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم: فإنما يقول السَّامُّ عليك، فقلْ: عليك ". قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَسِيباً } أي: على كل شيءٍ من رَدِّ السلام بمثله أو بأحسن منه، حسيباً أي: محاسباً مجازياً، وقال مجاهد: حفيظاً، وقال أبو عبيدة: كافياً، يقال: حسبي هذا أي كفاني.