الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِنْ أَصَٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } * { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }

{ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ } ، فتحٌ وغنيمة { لَيَقُولَنَّ } هذا المنافق، وفيه تقديم وتأخير، وقوله { كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ } متصل بقوله { فَإِنْ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } تقديره: فإن أصابتكم مصيبة قال: قد أنعم الله عليّ إذ لم أكن معهم شهيداً، كأنْ لمْ تكنْ بينَكُمْ وبينَهُ مَوَدَّةٌ أي: معرفة. قرأ ابن كثير وحفص ويعقوب { تَكُنْ } بالتاء، والباقون بالياء، أي: ولئن أصابكم فضلٌ من الله لَيَقُولَنّ: { يٰلَيتَنِى كُنتُ مَعَهُمْ } في تلك الغزاة، { فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } ، أي: آخذ نصيباً وافراً من الغنيمة، وقوله { فَأَفُوزَ } نصب على جواب التمني بالفاء، كما تقول: وددت أن أقوم فيتبعني الناس. قوله تعالى: { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ } ، قيل: نزلت في المنافقين، ومعنى يشرون أي: يشترون، يعني الذين يختارون الدنيا على الآخرة، معناه: آمنوا ثم قاتلوا، وقيل: نزلت في المؤمنين المخلصين، معناه فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون أي: يبيعُون الحياة الدنيا بالآخرة ويختارُون الآخرة { وَمَن يُقَـٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ } ، يعني يستشهد، { أَو يَغْلِبْ } ، يظفر، { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ } ، في كلا الوجهين { أَجْراً عَظِيماً } ، ويدغم أبو عمرو والكسائي الباء في الفاء حيث كَانْ. أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: " تكفّلَ الله لمنْ جاهدَ في سبيله لا يُخرجُهُ من بيتهِ إلاَّ الجهادُ في سبيلهِ وتصديقِ كلمتهِ أن يُدخلَه الجنة أو يرجعَه إلى مسكنهِ الذي خرجَ منه معَ ما نالَ من أجرٍ وغنيمة ". أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني أنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر الجوهري أنا أحمد بن علي الكشميهني أنا علي بن حجر أنا إسماعيل بن جعفر أنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: " مَثَلُ المجاهدِ في سبيلِ الله كمثلِ القانتِ الصائمِ الذي لا يفترُ من صلاةٍ ولا صيامٍ حتى يُرجعَه الله إلى أهلهِ بما يرجعُه من غنيمةٍ وأجرٍ، أو يتوفاه فيُدخله الجنة ".