الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } الآية، بيّن الله تعالى في هذه الآية المحرمات بسبب الوُصْلة، وجملةُ المحرمات في كتاب الله تعالى أربع عشرة: سبعٌ بالنسب، وسبعٌ بالسبب. فأما السبع بالسبب فمنها اثنتان بالرضاع وأربع بالصهرية والسابعة المحصنات، وهن ذوات الأزواج.وأما السبع بالنسب قوله تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } وهي جمع أُمّ ويدخل فيه الجدات وإن علونَ منْ قِبَل الأم ومنْ قِبَل الأب، { وَبَنَـٰتُكُمْ } ، جمع: البنت، فيدخل فيهن بنات الأولاد وإن سَفُلْنَ، { وَأَخَوَٰتُكُمْ } ، جمع الأخت سواء كانت من قبل الأب والأم أو من قِبَل أحدهما، { وَعَمَّـٰتُكُمْ } جمع العمة، ويدخل فيهن جميع أخوات آبائك وأجدادك وإن علون، { وَخَـٰلَـٰتُكُمْ } جمع خالة، ويدخل فيهن جميع أخوات أمهاتك وجداتك، { وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ } ، فيدخل فيهنّ بنات أولاد الأخ والأخت وإن سَفُلنَ، وجملته: أنه يحرم على الرجل أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصلٍ من كل أصل بعده، والأصول هي الأمهات والجدات، والفصول البنات وبنات الأولاد، وفصول أول أصوله هي الأخوات وبنات الإِخوة والأخوات، وأول فصل من كل أصل بعده هن العمات والخالات وإن علون. وأما المحرمات بالرضاع فقوله تعالى: { وَأُمَّهَـٰتُكُمُ الْلاَّتِى أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَاعَةِ }. وجملته: أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب. أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: " يحرمُ منَ الرَّضاعة ما يحرمُ من الوِلادة ". أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي قال: أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم أنها أخبرتها: " أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان عندها وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، فقالت عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله لو كان فلان حياً ـ لعمها من الرضاعة ـ أيدخل عليّ؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «نعم إنّ الرضاعة تُحرِّم ما يحرم من الولادة» ". وإنما تثبت حرمة الرضاع بشرطين، أحدهما: أن يكون قبل استكمال المولود حولين، لقوله تعالى:وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } [البقرة: 233]. ورُوي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " لا يحرمُ من الرضاعِ إلا ما فتقَ الأمعاء ". وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2 3